Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 75-77)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

معنى قوله { ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً } تحقيق ما قال له أولا مع نهيه عن العود لمثل سؤاله ، لانه لا يجوز أن يكون توبيخاً ، لانه جار مجرى الذم في أنه لا يجوز على الانبياء ( ع ) فقال له موسى فى الجواب عن ذلك { إن سألتك } أي ان استخبرتك عن شيء تعمله بعد هذا { فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً } ومعناه إقرار من موسى بأن صاحبه قد قدم اليه ما يوجب العذر عنده ، فلا يلزمه ما أنكره . وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه تلا هذه الآية ، فقال : " استحيى نبي الله موسى " والعذر وجود ما يسقط اللوم من غير جهة التكفير بتوبة واجتناب كبير لوقوع سهو لم يتعرض له . وفي ( لدن ) خمس قراءات ، فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي بالتثقيل . الثاني - بضم الدال وتخفيف النون قرأ به نافع . الثالث - قرأ ابو بكر بضم اللام وسكون الدال واشمام من غير اشباع ، الرابع - قرأ الكسائي عن أبي بكر بضم اللام وسكون الدال . الخامس - في رواية عن أبي بكر بفتح اللام وسكون الدال : وهذه كلها لغات معروفة . ثم أخبر الله تعالى عنهما ايضاً أنهما مضيا حتى { أتيا أهل قرية استطعما أهلها } أي طلبا منهم ما ياكلانه فامتنعوا من تضييفهما { فوجدا فيها } يعني القرية { جداراً يريد أن ينقض . فأقامه } ومعناه وجدا حائطاً قارب أن ينقض فشبهه بحال من يريد أن يفعل فى التباني ، كما قال الشاعر : @ يريد الرمح صدر ابي براء ويرغب عن دماء بني عقيل @@ ومثله تراني آثارهما ، ودار فلان ينظر الى دار فلان . وقال سعيد بن جبير : معنى قوله { فأقامه } انه رفع الجدار بيده فاستقام . والانقضاض السقوط بسرعة ، يقال انقضت الدار اذا سقطت وتهدمت قال ذو الرمة : @ فانقض كالكوكب الدري منصلتا @@ فقال له موسى { لو شئت لاتخذت عليه أجراً } وقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو { لتخذت } الباقون { لاتخذت } يقال : تخذ يتخذ بالتخفيف قال الشاعر : @ وقد تخذت رجلي لدى جنب غرزها نسيفاً كافحوص القطاة المطرق @@ المطرق التي تريد أن تبيض ، وقد تعسر عليها ، والا فحوص والمفحص عش الطائر ، وابن كثير يظهر الذال ، وابو عمرو يدغم . والباقون على وزن ( افتعلت ) مثل اتقى يتقي . وقد حكي تقى يتقي خفيفاً ، قال الشاعر : @ جلاها الصيقلون فاخلصوها خفافاً كلها يتقى باثر @@ ومن ادغم فلقرب مخرجيهما ومن اظهر فلتغاير مخرجيهما وقال الفراء في قوله { لو شئت } قال موسى لو شئت لم تقمه حتى يقرونا ، فهو الأجر وانشدوا فى { يريد أن ينقض } قول الشاعر : @ إن دهراً يلف شملي بجمل لزمان يهم بالاحسان @@ أي كانه يهم ، وانما هو سبب الاحسان المؤدي اليه وقال آخر : @ يشكو الى جملي طول السرى صبراً جميلا فكلانا مبتلى @@ والجمل لم يشك شيئاً . وقال عنترة : @ وشكا الى بعبرة وتحتحم @@ وكل ذلك يراد به ما ظهر من الامارة الدالة على المعاني .