Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 46-50)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما حكى الله تعالى ما قال ابراهيم لأبيه ، وتوبيخه له على عبادة الاصنام ، وتقريعه اياه على ذلك ، حكى في هذه الآيات ما أجاب به أبوه ، فانه قال له يا ابراهيم { أراغب أنت عن آلهتي } ومعناه أزاهد في عبادة آلهتي ، والرغبة اجتلاب الشيء لما فيه من المنفعة . والرغبة فيه نقيض الرغبة عنه . والترغيب الدعاء الى الرغبة فى الشيء . ثم قال له مهدداً { لئن لم تنته } أي لم تمتنع من ذلك ، يقال نهاه فانتهى . واصله النهاية ، فالنهي زجر عن الخروج عن النهاية المذكورة . والتناهي بلوغ نهاية الحد . وقوله { لأرجمنك } قال الحسن : معناه لارمينّك بالحجارة حتى تباعد عني . وقال السدي وابن جريج والضحاك : معناه لأرمينك بالذم والعيب . وقوله { واهجرني ملياً } قيل فى معناه قولان : قال الحسن ومجاهد { ملياً } دهراً [ قال الفراء : ويقال : كنت عنده ملوة وملوة وملوة - بتثليث الميم - وملاوة بالفتح وملاوة بالضم أي ] دهراً ملاوة ، وكله من طول المقام وبه قال سعيد بن جبير والسدي ، وهو بمعنى الملاوة من الزمان وهو الطويل منه . والثاني - قال ابن عباس وقتادة وعطية والضحاك : معنى { ملياً } سوياً سليماً من عقوبتي ، وهو من قولهم : فلان مليّ بهذا الأمر إذا كان كامل الأمر فيه مضطلعاً به ، فقال له ابراهيم { سلام عليك } أي سلامة عليك ، أي اكرام وبر بحق الأبوة وشكر التربية . وقال ذلك على وضع التواضع له ولين الجانب لموضعه { سأستغفر لك ربي } قال قوم : انما وعده بالاستغفار على مقتضى العقل ، ولم يَكن قد استقر بعد قبح الاستغفار للمشركين . وقال قوم : معناه سأستغفر لك إذا تركت عبادة الأوثان وأخلصت العبادة لله تعالى . ومعنى قوله { إنه كان بي حفياً } إن الله كان عالماً بي لطيفاً ، والخفي اللطيف بعموم النعمة ، يقال : تخفني فلان إذا اكرمني وألطفني ، وحفي فلان بفلان حفاوة إذا ابره وألطفه . والحفى أذى يلحق باطن القدم للطفه عن المشي بغير نعل ثم قال { وأعتزلكم } أي اتنحى عنكم جانباً ، واعتزل عبادة { ما تدعون من دون الله . وادعوا ربي } وحده { عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقياً } . وقوله { فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله } قيل انه اعتزلهم بأن خرج الى ناحية الشام { وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلاًّ جعلنا نبياً } أي لما اعتزلهم آنسنا وحشته بأولاد كرام على الله رسل لله ، وجعلناهم كلهم أنبياء معظيمن { ووهبنا لهم من رحمتنا } أي من نعمتنا { وجعلنا لهم لسان صدق عليا } قال ابن عباس والحسن : معناه الثناء الجميل الحسن من جميع أهل الملل ، لان أهل الملل على اختلافهم يحسنون الثناء عليهم ، وتقول العرب : جاءني لسان من فلان تعنى مدحه أو ذمه قال عامر ابن الحارث : @ اني اتتني لسان لا اسربها من علو لا عجب منها ولا سخر جاءت مرجّمة قد كنت احذرها لو كان ينفعني الاشفاق والحذر @@ وقيل : معناه انا جعلناهم رسل الله يصدقون عليه أعالي الصفات .