Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 51-55)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل الكوفة إلا ابا بكر { مخلصاً } - بفتح اللام - بمعنى اخلصه الله للنبوة . الباقون - بالكسر - بمعنى أخلص هو العبادة لله . يقول الله تعالى لنبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) { واذكر } موسى { في الكتاب } الذي هو القرآن . وسماه كتاباً لما ذكرناه : أنه يكتب . واخبر أن موسى كان مخلصاً بطاعاته وجه الله تعالى دون رياء الناس ، وانه لم يشرك فى عبادته سواه . ومن فتح اللام أراد ان الله اخلصه لطاعته بمعنى أن لطف له ما اختار عنده اخلاص الطاعة . وانه لم يشب ذلك بمعصيته له ، وأنه مع ذلك كان رسولا لله تعالى الى خلقه ، قد حمله رسالة يؤديها اليهم { وكان نبياً } وهو العلي برسالة الله الى خلقه ، وبما نصب له من المعجزة الدالة على تعظيمه وتبجيله ، وعظم منزلته . وهو مأخوذ من النبأ ، وهو الخبر بالأمر العظيم . ثم اخبر الله تعالى انه ناداه { من جانب الطور الأيمن } فانه قال له { إني أنا الله رب العالمين } والطور جبل بالشام ناداه من ناحيته اليمنى ، وهو يمين موسى ( ع ) . وقوله { وقربناه نجياً } معناه قربناه من الموضع الذي شرفناه وعظمناه بالحصول فيه ليسمع كلامه تعالى . وقال ابن عباس ومجاهد قرب من اهل الحجب حتى سمع صريف القلم . وقيل معناه إن محله منا محل من قربه مولاه من مجلس كرامته . وقيل قربه حتى سمع صرير القلم الذي كتب به التوراة . وقوله { نجياً } معناه انه اختصه بكلامه بحيث لم يسمع غيره ، يقال : ناجاه يناجيه مناجاة إذا اختصه بالقاء كلامه اليه . واصل النجوة الارتفاع عن الهلكة ، ومنه النجاة ايضاً ، والنجاء السرعة ، لأنه ارتفاع فى السير ، ومنه المناجاة . وقال الحسن : لم يبلغ موسى ( ع ) من الكلام الذي ناجاه شيئاً قط . ثم اخبر تعالى انه وهب له من رحمته ونعمته عليه اخاه هارون نبياً ، شد أزره كما سأله . ثم قال لنبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) { واذكر في الكتاب } الذي هو القرآن أيضاً { إسماعيل } ابن ابراهيم وأخبر { إنه كان صادق الوعد } بمعنى إذا وعد بشيء وفى به ، ولم يخلف { وكان } مع ذلك { رسولاً } من قبل الله الى خلقه { نبياً } معظماً بالاعلام المعجزة . وأنه { كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة } قال الحسن : أراد بأهله أمته ، والمفهوم من الأهل في الظاهر اقرب أقاربه . و { كان } مع هذه الاوصاف { عند ربه مرضياً } قد رضي اعماله لانها كلها طاعات لم يكن فيها قبائح . وانما أراد بذلك افعاله الواجبات والمندوبات دون المباحات ، لان المباحات لا يرضاها الله ولا يسخطها . واصل ( مرضي ) مرضو فقلبت الضمة كسرة والواو ياء وادغمت في الياء .