Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 93-98)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى ليس كل من في السموات والارض من العقلاء إلا وهو يأتي الرحمن عبداً مملوكاً لا يمكنهم جحده ، ولا الامتناع منه ، لانه يملك التصرف فيهم كيف شاء . ثم قال تعالى إنه { قد أحصاهم وعدهم عدّاً } أي علم تفاصيلهم وأعدادهم فكانه عدهم ، لا يخفى عليه شيء من أحوالهم . ثم قال : وجميعهم يأتي الله يوم القيامة فرداً مفرداً ، لا أحد معه ولا ناصر له ولا أعوان ، لان كل احد مشغول بنفسه لا يهمه هم غيره . ثم قال تعالى { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } أي آمنوا بالله ووحدانيته وصدقوا أنبياءه ، وعملوا بالطاعات سيجعل الله لهم ودّاً أي سيجعل بعضهم يحب بعضاً ، وفي ذلك أعظم السرور وأتم النعمة ، لانها كمحبة الوالد لولده البار به . وقال ابن عباس ومجاهد : { سيجعل لهم الرحمن وداً } فى الدنيا . وقال الربيع بن أنس إذا أحب الله عبداً طرح محبته في قلوب أهل السماء ، وفى قلوب أهل الارض . ثم قال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { إنما يسرناه بلسانك } يعني القرآن { لتبشر به المتقين } لمعاصي الله بالجنة { وتنذر به } أي تخوف به { قوماً لداً } أي قوماً ذوي جدل مخاصمين - فى قول قتادة - وهو من اللدد ، وهو شدة الخصومة ، ومنه تعالى { وهو ألد الخصام } أي أشد الخصام خصومة وهو جمع ألد . كـ ( أصم ، وصم ) قال الشاعر : @ إن تحت الاحجار حزماً وعزماً وخصيماً ألدّ ذا معلاق @@ ثم اخبر الله تعالى فقال { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحسّ منهم من أحد } أي هل تدرك احداً منهم { أو تسمع لهم ركزاً } قال ابن عباس وقتادة والضحاك : الركز الصوت . وقال ابن زيد : هو الحسّ ، والمراد - ها هنا - الصوت ، ومنه الركاز ، لانه يحسّ به حال من تقدم بالكشف عنه ، قال الشاعر : @ فتوجست ركز الأنيس فراعها عن ظهر غيب والانيس سقامها @@ والمعنى : إنا قد اهلكنا امماً كثيرة اعظم منهم كثرة ، واكثر اموالا واشد خصاماً فلم يغنهم ذلك لما اردنا اهلاكهم ، فكيف ينفع هؤلاء ذلك ، وهم اضعف منهم فى جميع الوجوه ، وبين ان حكم هؤلاء حكم اولئك في ان لا يبقى لهم عين ولا اثر .