Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 86-92)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ الكسائي ونافع { يكاد } بالياء . الباقون بالتاء . وقرأ ابن كثير ونافع والكسائي وحفص { يتفطرن } بياء وتاء من : تفطر يتفطر تفطراً . الباقون { ينفطرن } من انفطر كقوله { إذا السماء انفطرت } . وتفطر مطاوع فطر . والتشديد يفيد التكثير اخبر الله تعالى أنه يسوق المجرمين الى جهنم ورداً يوم القيامة . والسوق الحث على السير ، ساقه يسوقه سوقاً ، فهو سائق ومنه الساق ، لاستمرار السير بها ، ومنه السوق لأنه يساق به البيع والشراء شيئاً بعد شيء . وقال الفراء : يسوقهم مشاة . وقال الاخفش : عطاشاً . وقيل افراداً . ومعنى { ورداً } أي عطاشاً . كالابل التي ترد عطاشاً الماء ، إلا أن هؤلاء يمنعون منه ، لانه لا يشرب من الحوض الا مؤمن . وهو قول ابن عباس والحسن وقتادة . وقوله { لا يملكون الشفاعة } أي لا يقدرون عليها ، والملك القدرة على ما له التصرف فيه أن يصرفه أتم التصريف في الحقيقة أو الحكم . وقوله { إلا من اتخد عند الرحمن عهداً } أي عملا صالحاً - فى قول ابن جريج - فموضع ( من ) نصب على أنه استثناء منقطع ، لأن المؤمن ليس من المجرمين . وقد قيل : انه نصب على حذف اللام بمعنى لا يملك المتقون الشفاعة إلا لمن اتخد عند الرحمن عهداً . والعهد المراد به الايمان . والاقرار بواحدنيته وتصديق أنبيائه ، فان الكفار لا يشفع لهم . وقال الزجاج ( من ) فى موضع رفع بدلا من الواو والنون فى قوله { لا يملكون الشفاعة } . والمعنى لا يملك الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً وهو الايمان . ثم اخبر تعالى عن الكفار بأنهم { قالوا اتخذ الرحمن ولداً } كما قال النصارى : إن المسيح ابن الله ، واليهود قالت عزير ابن الله . فقال الله لهم على وجه القسم { لقد جئتم } بهذا القول { شيئاً إدّاً } أي منكراً عظيماً - في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد ، قال الراجز : @ لقد لقي الاعداء مني نكراً داهية دهياء إدّاً إمراً @@ وقال الآخر : @ فى لهب منه وحبل إد @@ ثم قال تعالى تعظيما لهذا القول { تكاد السماوات } وقرئ بالتاء والياء . فمن قرأ بالتاء فلتأنيث السموات ومن ذكر ، فلأن التأنيث غير حقيقي . وقال ابو الحسن : معنى تكاد السموات تريد كقوله { كدنا ليوسف } أي أردنا ، وانشد : @ كادت وكدت وتلك خير أرادة لو عاد من لهو الصبابة ما مضى @@ ومثله قوله تعالى { أكاد أخفيها } أي أريد ومعنى { تكاد } فى الآية تقرب لان السموات لا يجوز ان ينفطرن ولا يردن لذلك ، ولكن هممن بذلك ، وقربن منه اعظاماً لقول المشركين . وقال قوم : معناه على وجه المثل ، لان العرب تقول إذا أرادت امراً عظيماً منكراً : كادت السماء تنشق والارض تنخسف ، وأن يقع السقف . فلما افتروا على الله الكذب ، ضرب الله المثل لكذبهم بأهول الاشياء ، وقريب من هذا قول الشاعر : @ ألم تر صدعاً في السماء مبيناً على ابن لبينى الحارث بن هشام @@ وقريب منه ايضاً قول الشاعر : @ واصبح بطن مكة مقشعراً كان الارض ليس بها هشام @@ وقال آخر : @ بكا حارث الجولان من فقد ربه وحوران منه خاشع متضائل @@ وقال آخر : @ لما اتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع @@ وقال قوم : المعنى لو كان شيء يتفطر استعظاماً لما يجري من الباطل لتفطرت السموات والارض استعظاماً ، واستنكاراً لما يضيفونه الى الله تعالى من اتخاذ الولد ، ومثله قوله { ولو أن قرآناً سيرت به الجبال } ومعنى يتفطرن يتشققن والانفطار الانشقاق فى قول ابن جريج ، يقال : فطر ناب البعير إذا انشق ، وقرئ ينفطرن بمعنى يتشققن منه ، يعني من قولهم اتخذ الرحمن ولداً ، والمراد بذلك تعظيماً واستنكاراً لهذا القول ، وانه لو كانت السموات يتفطرن تعظيماً لقول باطل لانشقت لهذا القول ، ولو كانت الجبال تخر لأمر ، لخرّت لهذا القول . و ( الهدّ ) تهدم بشدة صوت . وقوله { أن دعوا للرحمن ولداً } أي لأن دعوا ، أو من ان دعوا ، او المعنى ان السموات تكاد ينفطرن والجبال تنهد والارض تنشق لدعواهم لله ولداً ، أي لتسميتهم له ولداً ، فهؤلاء سموا لله ولداً كما جعلوا المسيح ابن الله . والمشركون جعلوا الملائكة بنات الله . وقيل : معناه ان جعلوا للرحمن ولداً ، لان الولد يستحيل عليه تعالى . ثم اخبر تعالى انه لا ينبغي له ان يتخذ ولداً ، ولا يصلح له ، كما يقال ابن احمر : @ في رأس حلقاء من عنقاء مشرفة ما ينبغي دونها سهل ولا جبل @@ وقال الآخر فى الدعاء بمعنى التسمية : @ ألا ربّ من تدعوا نصيحاً وإن تغب تجده بغيب غير منتصح الصدر @@ وقال ابن احمر ايضاً :