Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 119-119)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة : قرأ نافع " لا تسأل " . بفتح التاء وجزم اللام . على النهي ، وروي ذلك عن ابي جعفر محمد بن علي الباقر ( ع ) ، وابن عباس . ذكر ذلك الفراء ، والبلخي الباقون على لفظ الخبر على ما لم يسم فاعله . المعنى : معنى قوله : { ولا تسأل عن أصحاب الجحيم } تسلية للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقيل له " إنما أنت بشير ونذير " ولست { تسأل عن أصحاب الجحيم } ومثله قوله : { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } وقوله { ليس عليك هداهم } وقوله { عليه ما حمل وعليكم ما حملتم } الاعراب : وموضع " تسأل " يحتمل أمرين : احدهما ان يكون استئنافا ولا موضع له . والآخر ان يكون حالا ، فيكون موضعه نصباً . ذكر ذلك الزجاج ، لانه قال : { أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً } غير مسئول عن اصحاب الجحيم . ومن فتح التاء على الخبر . تقديره : غير سائل . وانكر قوم الحال . واعتلوا ان في قراءة أبي : " وما تسأل " وفي قراءة عبد الله : " ولن تسأل " وهذا غير صحيح ، لان ليس قياس ( لا ) قياس لن وما ، لانه يجوز أرسلناك لا سائلا ، ولا يجوز ما سائلا . ولذلك احتمل مع لا الحال ، ولن يحتمل مع ما ولن ، لان للا تصرفا ليس لهما فيجوز ان يعمل ما قبلها في ما بعدها ، ولا يجوز ذلك فيهما . تقول : جئت بلا خبر ، ولا يجوز بما خبر . والجحيم النار بعينها اذا شبت وقودها . قال امية بن ابي الصلت : @ اذا شبت جهنم ثم زادت واعرض عن قوابسها الجحيم @@ فصار كالعلم على جهنم . وقال صاحب العين : الجحيم : النار الشديدة التأجج ، والالتهاب كما اججوا نار ابراهيم . وهي تجحم جحوما يعني توقدت جمرتها وجاحم الحرب : شدة القتل في معركتها . وقال سعيد بن مالك بن ضبيعة . @ والحرب لا يبقى لجا حمها التخيل والمراح إلا الفتى الصبار في النـ ـجدات والفرس الوقاح @@ والجحمة : العين بلغة حمير قال الشاعر : @ أيا جحمتا بكي على أم مالك اكيلة قلوب بأعلى المذانب @@ وجحمتا الاسد : عيناه . وتقول : جحمت النار جحماً : اذا اضطرمت . وجمر جاحم : اذا اشتد اشتعاله . ومنه اشتقاق الجحيم . واصل الباب الالتهاب . ومنه الاجحم : الشديد حمرة العين شبه بالنهار في حمرتها . الحرب تشبه بالتهاب النار . المعنى : وفي الآية دلالة على انه لا يؤخذ احد بذنب غيره قريبا كان منه أو بعيداً . كما بين الله انه لا يطالب احد بذلك غيره . وان كان قد فرض على النبي " صلى الله عليه وسلم " ان يدعو الى الحق ، ويزجر عن الباطل . وليس عليه ان يقبل المدعو . ومن قرأ بلفظ النهي . قال الزجاج : يحتمل أمرين : أحدهما ان يكون امره بترك المسألة . والآخر ما قاله الاخفش : ان يكون المعنى علي تفخيم ما أعد لهم من العقاب . كما يقال لا تسال عن فلان أي قد صار الى امر عظيم . وقال قوم : لو كان على النهي : لقال فلا " بالفاء " ، لانه يصير بمنزلة الجواب كأنه يدل على لانا ارسلناك إلا بالحق ولا تسأل عن اصحاب الجحيم . ولا يحتاج بالرفع إلى الفاء ، واذا كان على الرفع فظاهر الكلام الاول يقتضيه اقتضاء الاحوال ، أو اقتضاء البيان الذي يجري مجرى الحجاج على من اعترض بان فعل الداعي إلى الايمان لا يحل موقعه الا بان يقبل المدعو اليه . واما ايصاله ما تقدم على الجزم ، فانما هو على معنى التغليظ لشان الجحيم ، ليزحر بذلك عن ترك اتباعه ( صلى الله عليه وسلم ) والتصديق بما اتى به من البشارة . قال أبو علي الفارسي إنما تلزم الفاء اذا كان الكلام الاول علة فيما بعد ذلك ، كقولك اعطيك فرسا فلا تسأل شيئاً اخراً والآية بخلاف ذلك . وفي الناس من قال : القراءة بالجزم مردودة ، لانه لم يتوجه له اتصال الكلام ، ولا كيف جاء بالواو دون الفاء . وقد بينا الاتصال . فاما المجيء بالواو فلأنه لم يرد الدلالة على معنى الجواب ، ولكن عطف جملة على جملة تتعلق بها وتقتضي على ما انطوى عليه معناها . ومعنى الحق في قوله : { إنا أرسلناك بالحق } الاسلام ، بشيرا من اتبعك عليه بالثوب نذيرا من خالفك فيه بالعقاب . وقيل : { إنا أرسلناك بالحق } يعني على الحق . كما قال : { خلق الله السماوات والأرض بالحق } كأنه قال : على انهما حق لا باطل .