Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 118-118)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : المعني بهذه الآية في قول مجاهد : النصارى . وقول ابن عباس : اليهود . وفي قول الحسن وقتادة : مشركوا العرب . وكل ذلك يحتمل . غير انه لمشركي العرب أليق ، لانه يشاكل ما طلبوا حين قالوا : { لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا } إلى قوله : { هل كنت إلا بشراً رسولا } ويقوي ذلك قوله : { وقال الذين لا يعلمون } : الكتاب . فبين أنهم ليسوا أهل كتاب . من اختار ان المراد بها النصارى قال : لانه قال قبلها { وقالوا اتخذ الله ولداً } وهذا لا دلالة فيه ، ولا يمتنع ان يذكر قوماً ، ويخبر عنهم ، ثم يستأنف قوماً آخرين ، فيخبر عنهم على ان مشركي العرب قد اضافوا إلى الله البنات فدخلوا في جملة من قال : { اتخذ الله ولدا } . ومعنى قوله : { لولا } هلاّ ، كما قال الأشهب بن رميلة : @ تعدّون عقر النيب أفضل مجدكم بنى ضو طرى لولا الكمي المقنعا @@ أي هلاّ تعقرون الكمي المقنعا . وانما قال : { أو تأتينا آية } وقد جاءتهم الآيات ، لانهم طلبوا آية ، كما ان آية الرسل توافق دعوتهم ، ويكلمهم الله كما كلمهم الله . والمعني بقوله { كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم } اليهود على قول مجاهد . وعلى قول قتادة والسدي والربيع : اليهود والنصارى . والضمير في قوله : { تشابهت قلوبهم } يعني كناية عن قلوب اليهود والنصارى على قول مجاهد وعلى قول الربيع وقتادة : عن العرب واليهود والنصارى وغيرهم ، فقوله { تشابهت قلوبهم } يعني في الكفر ، بالاعتراض على انبياء الله بالجهل ، لان اليهود قالت لموسى : { أرنا الله جهرة } وقالت النصارى للمسيح : { أنزل علينا مائدة من السماء } . وقالت العرب لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) : حول لنا الصفا ذهباً ، وغير ذلك . وكذلك قال الله تعالى : { أتوا صوا به } وروي عن ابن إسحاق انه قرأ " تشابهت " بتشديد الشين خطأ ، لان ذلك انما يجوز في المضارع . بمعنى تتشابه فتدغم احدى التاءين في الشين هكذا قال الفراء ، وغيره من أهل العلم . وقوله : { قد بينا الآيات لقوم يوقنون } معناه أيقن بها قوم من حيث دلتهم على الحق ، فالواجب على كل هؤلاء ان يستدلوا بها ، ليصلوا إلى اليقين كما وصل غيرهم اليه بها . اللغة : واليقين والعلم والمعرفة نظائر في اللغة . ونقيضه الشك ، والجهل . تقول أيقن ايقاناً ، وتيقن تيقنا ، واستيقن استيقانا . وقال صاحب العين : اليقين النفس . قال الشاعر : @ وما بالذي ابصرته العيو ن من قطع يأس ولا من يقن @@ واليقين : علم يثلج به الصدر ، ولذا يقولون : أجد برد اليقين ، ولا يقولون : وجد برد العلم . فان قيل : لم لم يؤتوا الآيات التي طلبوها ، لتكون الحجة أأكد قلنا : اظهار الآيات يعتبر فيه المصالح ، وليس بموقوف على اقتراح العباد . ولو علم الله ان ما اقترحوا من الآيات فيه مصلحة ، لاظهرها ، فلما لم يظهرها ، علمنا انه لم يكن فيها مصلحة لنا اصلا .