Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 189-189)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة : البيوت والسيوح والغيوب والجيوب - بكسر أولها - شامي والكسائي ، والأعشى لا يكسرون ، الغيوب ، ويكسرها حمزة ، ويحيى إلا الجيوب . ويكسرها ابن كثير إلا الجيوب والغيوب . وابن فليح يكسرها كلها . وقالون يكسر منها البيوت فقط . وأبو عمرو يضمها كلها . اللغة : الأهلة جمع هلال وسمي الهلال ، لرفع الصوت بذكره عند رؤيته ، ومنه أهل بالحج : اذا رفع الصوت بالتلبية . واختلف أهل العلم إلى كم يسمى هلالا ، فقال قوم : يسمى ليلتين هلالا من الشهر . ومنهم من قال : يسمى هلالا ثلاث ليال ، ثم يسمى قمراً . وقال الأصمعي : يسمى هلالا حتى يحّجر . وتحجيره : أن يستدير بخطة دقيقة . ومنهم من قال : يسمى هلالا حين يبهر ضوءه سواد الليل ، فاذا غلب ضوءه ، سمي قمراً . وذلك لا يكون إلا في الليلة السابعة . وقال الزجاج : يسمى هلالا لليلتين . واسم القمر الزبرقان ، واسم دارته الهالة . والفخت اسم ضوءه ، أو ظلمته على خلاف فيه . واسم ظله السمر . ومنه قيل : سمار الذين يتحدثون بالليل . وإنما اقتصر في جمعه على أهلة ، وهو لأدنى العدد ، دون الفعل الذي هو للجمع الكثير ، استثقالا له في التضعيف ، كما قالوا ، فيما ليس بمضعّف : حمار وأحمرة وحمر . المعنى : فان قيل عما كان وقع السؤال من حال الأهلة قيل عن زيادتها ونقصانها ، وما وجه الحكمة في ذلك ، فاجيب بأن مقاديرها تحتاج إليه الناس في صومهم ، وفطرهم ، وحجهم وعدد نسائهم ، ومحلّ ذنوبهم ، وغير ذلك . وفيها دلالة واضحة على أن الصوم لا يثبت بالعدد ، وأنه يثبت بالهلال ، لأن العدد لو كان مراعى ، لما أحيل في مواقيت الناس في الحج على ذلك بل أحيل على العدد . اللغة : وقوله تعالى : { قل هي مواقيت } والميقات : هو مقدار من الزمان ، جعل علماً لما يقدر من العمل ، ومنه قوله تعالى : { إلى يوم الوقت المعلوم } والتوقيت : تقدير الوقت . وقت توقيتاً ، ومنه قوله تعالى : { واذا الرسل أقتت } وكلما قدرت غاية ، فهو موقت . والميقات : منتهى الوقت ، ومنه قوله تعالى : { فتم ميقات ربه } فالآخرة ميقات الخلق . والاهلال : ميقات الشهر . وإنما لم يصرف مواقيت ، وصرف قوارير ، لان قوارير فاصلة في رأس آية ، فصرفت لتجري على طريقة واحدة في الآيات ، كالقوافي ، وليس ذلك تنوين الصرف . المعنى : وقوله تعالى { وليس البرّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البرّ من اتقى } قيل في معناه وجهان : أحدهما - { ولكن البرّ من اتقى } كما قلنا في قوله { ولكن البرّ من آمن بالله } . والثاني - على وقوع المصدر موقع الصفة ، كأنه قال : ولكن البار { من آمن بالله } . وقيل في معنى الآية قولان : أحدهما - أنه كان قوم من الجاهلية إذا أحرموا ، نقبوا في ظهر بيوتهم نقباً ، يدخلون منه ، ويخرجون ، فنهوا عن التدين بذلك ، وأمروا أن يأتوا البيوت من أبوابها . في قول ابن عباس ، والبراء ، وقتادة ، وعطا . و [ الثاني ] - قال قوم ، واختاره الجبائي : إنه مثل ضربه الله لهم . { وأتوا البيوت من أبوابها } أي أتوا البر من وجهه الذي أمر الله به ، ورغب فيه ، وهذا الوجه حسن . وروى جابر عن أبي جعفر محمد بن علي ( ع ) في قوله : { وليس البرّ بأن تأتوا البيوت } الآية ، قال : يعني أن يأتي الأمر من وجهه أي الأمور . وروى أبو الجارود عن أبي جعفر ( ع ) مثل قول ابن عباس سواء . وقال قوم : أراد بالبيوت النساء ، لأن المرأة تسمى بيتاً على ما بيناه فيما مضى ، فكأنه نهى عن إتيان النساء في أدبارها ، وأباح في قبلهنّ . والأولان أقوى وأجود . والباب : هو المدخل ، تقول منه : بوب تبويباً إذا جعله أبواباً . والبوّاب : الحاجب ، لأنه يلزم الباب . والبابة القطعة من الشىء كالباب من الجملة . فان قيل أي تعلق لقوله : { وليس البرّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها } بسؤال القوم عن الأهلة ؟ قلنا : لأنه لما بين ما فيه من وجه الحكمة ، اقتضى لتعلموا على أمور مقدره ، ولتجري أموركم على استقامة فانما البرّ أن تطيعوا أمر الله . ومن كسر ( الباء ) من البيوت ، فلاستثقال الخروج من الضم الى الياء . ومن ضم غيوب وكسر البيوت ، فلأن الغين لما كان مستعلياً ، منع الكسر ، كما منع الامالة . وأما الحج ، فهو قصد البيت الحرام ، لاداء مناسك مخصوصة بها في وقت مخصوص . والبرّ : النفع الحسن . والظهر : الصفيحة المقابلة لصفيحة الوجه . وقوله : { واتقوا الله لعلكم تفلحون } يعني واتقوا ما نهاكم الله عنه ، وزهدكم فيه ، لكي تفلحوا بالوصول الى ثوابه الذي ضمنه للمتقين .