Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 188-188)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : قوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } قيل في معناه قولان : أحدهما - أن يكون ذلك على جهة الظلم ، نحو الخيانة ، والسرقة ، والغصب ، ويكون التقدير لا يأكل بعضكم أموال بعض بالباطل كأكل مال نفسة بالباطل ، ومثله { ولا تلمزوا أنفسكم } ومعناه لا يلمز بعضكم بعضاً . وقوله : { ولا تقتلوا أنفسكم } والمعنى لا يقتل بعضكم بعضا . الثاني - لا تأكلوه على وجه الهزء واللعب ، مثل ما يوجد في القمار والملاهي ونحوها ، لأن كل ذلك من أكل المال بالباطل . وقال أبو جعفر ( ع ) { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } يعني باليمين الكاذبة يقتطعون بها الأموال ، وقال أبو عبد الله ( ع ) : علم الله أنه سيكون في هذه الأمة حكام يحكمون بخلاف الحق ، فنهى الله المؤمنين أن يتحاكموا إليهم ، وهم يعلمون أنهم لا يحكمون بالحق . وقوله تعالى : { وتدلوا بها إلى الحكام } فالحكم هو الخبر الذي يفصل به بين الخصمين يمنع كل واحد من منازعة الآخر . وقيل في معناه قولان : أحدهما - قال ابن عباس . والحسن ، وقتادة : إنه الوديعة وما تقوم به بيّنة . الثاني - قال الجبائي : في مال اليتيم الذي في يد الاوصياء ، لأنه يدفعه إلى الحاكم إذا طولب به ، ليقتطع بعضه ، ويقوم له في الظاهر حجة . اللغة : يقال أدلى فلان بالمال الى الحاكم إذا دفعه إليه . وأدلى فلان بحقه وحجته : اذا هو احتج بها وأحضرها ، ودلوت الدلو في البئر أدلوها : إذا أرسلتها في البئر ، وأدليتها إدلاء : اذا انتزعتها من البئر ، ومنه قوله تعالى : { فأدلى دلوه } أي انتزعها . وقال صاحب العين : أدليتها اذا أرسلتها أيضاً . وأدلى الانسان شيئاً في مهوى ، ويتدلى هو بنفسه . والدالية معروفة . الاعراب : وموضع " تدلو " يحتمل أمرين : أحدهما - أن يكون جزماً على النهى ، وعطفاً على قوله : { لا تأكلوا } . والثاني - أن يكون نصباً على الظرف ، ويكون نصبها باضمار أن كقول الشاعر : @ لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم @@ لا تجمع بينهما . والأول أجود . المعنى : وقيل في اشتقاق " تدلو " قولان : أحدهما - أن التعلق بسبب الحكم كتعلق الدلو بالسبب الذي هو الحبل . والثاني - أنه يمضي فيه من غير تثبت ، كمضى الدلو في الارسال من غير تثبت . والباطل هو ما تعلق بالشيء على خلاف ما هو به ، خبراً كان أو اعتقاداً أو تخيلا أو ظنّاً . والفريق : القطعة المعزولة من الشىء . والاثم الفعل الذي يستحق به الذم . وقوله : { وأنتم تعلمون } معناه إنكم تعلمون أن ذلك التفريق من المال ليس بحق لكم لأنه أشد في الزجر . وفي الآية دلالة على أن تفرقة الحاكم بشهادة الزور غير جائزة ، ولا يستباح به النكاح لأحد الشاهدين كما لا يحلّ ذلك في المال .