Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 194-194)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أشهر الحرم أربعة : رجب ، وهو فرد وثلاثة أشهر سرد : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم . والمراد ها هنا : ذو القعدة , وهو شهر الصّد عام الحديبة . وإنما سمي الشهر حراماً ، لأنه كان يحرم فيه القتال ، فلو أن الرجل يلقى قاتل أبيه أو ابنه لم يعرض له بسبيل وسمي ذو القعدة ، لقعودهم فيه عن القتال . الاعراب : والشهر مرتفع بالابتداء ، وخبره بالشهر الحرام ، وتقديره : قتال الشهر الحرام أي في الشهر الحرام ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه . ويحتمل أن يكون تقديره : الشهر الحرام على جهة العوض لما فات من الحج في السنة الأولى . المعنى : وقوله : { والحرمات قصاص } قيل في معناه قولان : أحدهما - { الحرمات قصاص } بالمراغمة بدخول البيت في الشهر الحرام . قال مجاهد : لأن قريشاً فخرت بردها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) - يوم الحديبة - محرماً - في ذي القعدة - عن البلد الحرام ، فأدخله الله عز وجل مكة في العام المقبل في ذي القعدة ، فقضى عمرته ، وأقصه بما حيل بينه وبينه يوم الحديبة ، وهو معنى قول قتادة ، والضحاك ، والربيع ، وابن زيد . وروي عن ابن عباس ، وأبي جعفر محمد بن علي ( ع ) مثله . والقول الثاني - { والحرمات قصاص } بالقتال في الشهر الحرام أي لا يجوز للمسلمين إلا قصاصاً . وقال الحسن : إن مشركي العرب قالوا لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أنهيت عن قتالنا في الشهر الحرام ، قال نعم ، فأراد المشركين أن يغزوه في الشهر الحرام ، فيقاتلوه ، فأنزل الله تعالى : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } أي إن استحلوا منكم في الشهر الحرام شيئاً ، فاستحلو منهم مثل ما استحلوا منكم . وبه قال الزجاج ، والجبائي . وإنما جمع الحرمات لأحد أمرين : أحدهما - إنه يريد حرمة الشهر ، وحرمة البلد ، وحرمة الاحرام . الثاني - كل حرمة تستحل ، فلا يجوز إلا على وجه المجازاة وفي الناس من قال : إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : { وقاتلوا المشركين كافة } وقال آخرون ليست منسوخة ، لأنه يجوز اجتماعه مع تلك الفريضة - وهو الأولى - لأنه لا دلالة على نسخها . والحرام : هو القبيح الممنوع من فعله . والحلال : المطلق المأذون فيه . والقصاص الأخذ للمظلوم من الظالم ، من أجل ظلمه إياه . فان قيل : كيف جاز قوله : { إن الله لا يحب المعتدين } مع قوله { فاعتدوا عليه } قلنا الثاني ليس باعتداء على الحقيقة ، وإنما هو على وجه المزاوجه ، ومعناه المجازات على ما بينا . والمعتدي مطلقاً لايكون إلا ظالماً لضرر قبيح ، وإذا كان مجازاً فانما يفعل ضرراً حسناً . فان قيل : كيف قال بمثل ما اعتدى عليكم ، والأول جور ، والثاني عدل ؟ قلنا ، لأنه مثله في الجنس وفي مقدار الاستحقاق ، لأنه ضرر ، كما أن الأول ضرر ، وهو على مقدار ما يوجبه الحق في كل جرم . وقيل إنّ عدا ، واعتدى لغتان بمعنى واحد ، ومثله قرب واقترب ، وجلب واجتلب . وقال قوم : في افتعل مبالغة ليس في فعل . ومعنى قوله : { واعلموا أن الله مع المتقين } يعني بالنصرة لهم ، كأنه قال : { إن الله مع المتقين } بالنصرة أو إن نصرة الله معهم . وأصل ( مع ) المصاحبة في المكان أو الزمان .