Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 214-214)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة والنزول : قرأ نافع { حتى يقول الرسول } بضم اللام . الباقون بنصبها . ذكر السدي ، وقتادة ، وغيرهما من أهل التفسير : أن هذه الآية نزلت يوم الخندق لما اشتدت المخافة ، وحوصر المسلمون في المدينة ، واستدعاهم الله الى الصبر ، ووعدهم بالنصر . الاعراب واللغة : وقال الزجاج : معنى ( أم ) ها هنا بمعنى ( بل ) . وقال غيره : هي بمعنى الواو . وإنما حسن الابتداء بـ ( أم ) لاتصال الكلام بما تقدم ، ولو لم يكن قبله كلام ، لما حسن . والفرق بين ( أم حسبتم ) وبين ( أحسبتم ) أن ( أم ) لا تكون إلا متصلة لكلام ، معادلة للألف ، أو منقطعة ، فالمعادلة نحو ( أزيد في الدار أم عمرو ) فالمراد أيهما في الدار ، والمنقطعة نحو قولهم : ( إنها لابل أم شاء يا فتى ) ، وأما الألف ، فتكون مستأنفة . وإنما لم يجز في ( أم ) الاستئناف ، لأن فيها معنى ( بل ) كأنه قيل : { بل حسبتم } . وحسبت ، وظننت وخلت نظائر . وقوله تعالى : { ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم } معناه ولما تمتحنوا ، وتبتلوا بمثل ما امتحنوا ، فتصبروا كما صبروا . وهذا استدعاء الى الصبر وبعده الوعد بالنصر . والمثل ، والشبه واحد ، يقال : مثل ومثل ، مثل شبه وشبه . و " خلوا " معناه مضوا . وقوله : " مستهم " فالمس ، واللمس واحد . والبأساء ضد النعماء ، والضراء ضد السراء . وقوله : " زلزلوا " معناه ها هنا : أزعجوا بالمخافة من العدو . والزلزلة : شدة الحركة . والزلزال : البلبلة المزعجة بشدة الحركة ، والجمع زلازل ، ويقال : زلزل الأرض يزلزلها زلزالاً ، وتزلزل تزلزلاً ، مثل تدكدك تدكدكاً ، وأصله زلّ ، وإنما ضوعف ، مثل صرصر ، وصلصل . وقوله : { حتى يقول الرسول } من نصب اللام ، ذهب الى تقدير : الى أن يقول الرسول ، فيكون على معنى الاستقبال إذا قدرت معها ( أن ) ، وهو يشبه الحكاية ، كأنك تقدر حالا ، ثم استأنف غيره فعلا ، كما تستأنف عن حال كلامك . ويوضح ذلك ( كان زيد سيقول كذا وكذا ) . وانما قدرت بكان زيد وقتاً ، ثم يستأنف عنه فعلا ، فكذلك { زلزلوا } قد دلّ على وقت ، ثم استأنف بعده الفعل . ومن رفع ، فعلى الحال للفعل المذكور ، والحال لكلام المتكلم ، وذلك القول قد يكون في حال الزلزلة . فأما الغاية فلا يكون إلا بعد تقضيها وإن كان متصلا بها ، والرفع يوجب التأدية بمعنى : أن الزلزلة أدت الى قول الرسول . فأما النصب ، فيوجب الغاية ، فقد حصل الفرق بين الرفع والنصب من ثلاث جهات : الأول - أن أحدها على الحال ، والآخر على الاستقبال . والثاني - أن أحدها قد انقضى ، والآخر لم ينقض . والثالث - أن أحدها على الغاية ، والآخر على التأدية . ومعنى الغاية في الآية أظهر ، لأن النص جاء عند قول الرسول ، فلذلك كان الاختيار في القراءة النصب . المعنى : فان قيل : ما معنى قول الرسول والمؤمنين : { متى نصر الله } ؟ قلنا : قال قوم : معناه الدعاء لله بالنصر ، ولا يجوز أن يكون معناه الاستبطاء لنصر الله على كل حال لأن الرسول يعلم : أن الله لا يؤخره عن الوقت الذي توجبه الحكمة . وقال قوم : معناه الاستبطاء لنصر الله . وذلك خطأ ، لا يجوز مثله على الأنبياء ( ع ) إلا أن يكون على الاستبطاء لنصره لما توجبه الحكمة من تأخره . والنصر ضد الخذلان . والقريب ضد البعيد . والقرب والدنوّ واحد . ومن قال : إن ذلك على وجه الاستبطاء قواه بما بعده من قوله { ألا إن نصر الله قريب } . اللغة : وأصل ( لما ) ( لم ) فزيد عليها ( ما ) فغيرت معناها ، كما غيرت في ( لو لما زيد عليها ( ما ) إذا قلت : ( لوما ) فصارت بمعنى هلا . والفرق . بين ( لم ) و ( لما ) أن ( لما ) يصح أن يوقف عليها ، مثل قولك : أقدم زيد ؟ فيقول : لما ، ولا يجوز ( لم ) ، وفي ( لما ) توقع لأنها عقيبة ( قد ) ، إذا انتظر قوم ركوب الأمير ، قلت : قد ركب ، فان نفيت هذا قلت : لما يركب ، وليس كذلك ( لم ) ، ويجمعهما نفي الماضي .