Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 226-226)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اللغة : قوله : { يؤلون } معناه : يحلفون - بلا خلاف بين أهل التأؤيل - وهو المروي عن سعيد بن المسيب وهو مأخوذ من الألية قال الشاعر : @ كفينا من تغيّب من نزار وأحنثنا إليّة مقسمينا @@ ويقال : ألى الرجل - من إمرأته - يؤلي إيلاء ، وألية ، وألوّة ، وهو الحلف قال الأعشى : @ إني أليت على حلفة ولم أقلها سحر الساحر @@ وجمع أليّة ألايا ، وأليّات ، كعشية ، وعشايا ، وعشيات ، فأما جمع ألوّة ، فألايا ، كركوبة وركائب ، وجمع ألية : ألاء كصحيفة ، وصحائف ، ومنه اءتلى يأتلى اءتلاء ، وفي التنزيل { ولا يأتل أولوا الفضل منكم } وتقول : لا تألوا ألياً ، وألوّ ، نحو العتى ، والعتوّ . وما ألوت جهداً ، ولا ألوته نصحاً ، أو غشا ، ومنه قوله : { لا يألونكم خبالاً } وقال الشاعر : @ نحن فصلنا جهدنا لم نأتله @@ أي لم نقصر . وأصل الباب التقصير ، فمنه لا يألوا جهداً ، ومنه الألية : اليمين ، لأنها لنفي التقصير . وعود ألوة ، وألوة : أجود العمود ، لأنه خالص . المعنى : والايلاء في الآية : المراد به : اعتزل النساء ، وترك جماعهن على وجه الاضرار بهن ، وكأنه قيل : { للذين يألون } أن يعتزلوا نساءهم { تربص أربعة أشهر } منهم ، واليمين التي يكون بها الرجل مؤلياً : هي اليمين بالله عزّ وجلّ ، أو بشيء من صفاته التي لا يشركه فيها غيره , على وجه لا يقع موقع اللغو الذي لا فائدة فيه ، ويكون الحلف على الامتناع من الجماع على جهة الغضب ، والضرار ، وهو المروي عن علي ( ع ) ، وابن عباس ، والحسن . وقال ابراهيم ، وابن سيرين ، والشعبي : في الغضب . وقال سعيد بن المسيب : هو في الجماع ، وغيره من الضرار ، نحو الحلف ألاّ يكلمها . اللغة : والتربصّ بالشيء انتظارك به خيراً ، أو شراً يحل ، وتقول : تربصت بالشيء تربصاً ، وربصت به ربصاً ، ومنه قوله : { فتربصوا به حتى حين } و { نتربص به ريب المنون } قال الشاعر : @ تربص بها ريب المنون لعلّها تطلّق يوماً أو يموت حليلها @@ ومالي على هذا الأمر ربصة : أي تلبث ، وأصله الانتظار . وقوله : " فإن فاءوا " معناه : فان رجعوا ، ومنه قوله : { حتى تفيء إلى أمر الله } أي ترجع من الخطأ الى الصواب . والفرق بين الفيء والظل : ما قال المبرد : إن الفيء ما نسخ الشمس ، لأنه هو الراجع ، وأما الظل : فما لا شمس فيه . وكل فيء ظل ، وليس كل ظل فيء ، ولذلك أهل الجنة في ظل ، لا في فيء ، لأنه لا شمس فيها ، كما قال الله تعالى : { وظل ممدود } وجمع الفيء أفياء ، تقول : فاء الفيء : إذا تحول عن جهة الغداة برجوع الشمس عنه . وتفيأت في الشجر ، وفيأت الشجرة . والفيء : غنائم المشركين ، أفاء الله علينا فيهم ، لأنه من رجع الشيء الى حقه ، والفيء الرجوع عن الغضب . إن فلاناً لسريع الفيء من غضبه . المعنى : فان قيل : ما الذي يكون المولى به فايئاً ؟ قيل - عندنا - : يكون فايئاً بأن يجامع ، وبه قال ابن عباس ، ومسروق ، وسعيد بن المسيب . وقال الحسن ، وابراهيم ، وعلقمة : يكون فايئاً بالعزم في حال العذر إلاّ أنه ينبغي أن يشهد على فيئه ، وهذا يكون - عندنا - للمضطر الذي لا يقدر على الجماع ، ويجب على الفايء - عندنا - الكفارة ، وبه قال ابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، وقتادة ، ولا عقوبة عليه ، وهو المروي عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله ( ع ) . وقال الحسن ، وابراهيم : لا كفارة عليه ، لقوله : { فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم } : أي لا يتبعه بكفارة ، ولا عقوبة . الاعراب : ويجوز في { تربص أربعة أشهر } ثلاثة أوجه : الجر بالاضافة ، وعليه جميع القراء . ويجوز النصب ، والرفع في العربية { تربص أربعة أشهر } كما قال : { ألم نجعل الأرض كفاتاً أحياء وأمواتاً } أي يكفتهم أحياء ، وأمواتاً ، و { تربص أربعة أشهر } كقوله : { فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } ومثله { فجزاء مثل ما قتل من النعم } وإنما جعل اختصاص الايلاء بحال الغضب ، لأن مدة التربص جعل فسحة للمرأة في التخلص من المضارة ، فاذا لم يكن ضرار لم يصح إيلاء . ومن لم يخص بحال الغضب ، حمله على عموم الايلاء ، وهو الأقوى . ومتى حلف بغير الله في الايلاء ، فلا تنعقد يمينه ، ولايكون مؤلياً . وقال الجبائي : إذا حلف بما يلزمه فيه عزم ، نحو الصدقة ، أو الطلاق ، أو العتاق ، فهو إيلاء ، وإلاّ ، فهو لغو ، نحو قوله : وحياتك ، وما أشبه . وقال الشافعي : لا إيلاء إلا بالله ، كما قلناه . ومتى حلف ألا يجامع أقل من أربعة أشهر ، لا يكون مؤلياً ، لأن الايلاء على أربعة أشهر ، أو أكثر . ومتى حلف ألاّ يقر بها ، وهي مرضعة خوفاً من أن تحبل ، فيضر ذلك بولدها ، لا يلزمه حكم الايلاء ، وهو المروي عن علي ( ع ) ، وبه قال الحسن ، وابن شهاب . ويجوز أن يكون في الآية تقديم ، وتأخير ، ويكون تقديره { للذين يؤلون } { تربص أربعة أشهر } { من نسائهم } . ويجوز أن يكون معناه : { للذين يؤلون من } أجل { نسائهم تربص أربعة أشهر } كما تقول : غضبت لفلان : أي من أجل فلان . وإذا مضت أربعة أشهر لم تبن منه إلا بطلاق ، ويلزمه الحاكم ، إما الرجوع والكفارة ، وإما الطلاق ، فان امتنع حبسه حتى يفيء ، أو يطلق . وفيه خلاف .