Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 24-24)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : معنى { فإن لم تفعلوا } لم تأتوا بسورة من مثله قد تظاهرتم انتم وشركاؤكم عليه واعوانكم وقد تبين لكم بامتحانكم ، واختباركم عجزكم وعجز جميع الخلق عنه وعلمتم انه من عندي ، ثم اقمتم على التكذيب به وقوله : { ولن تفعلوا } لا موضع له من الاعراب ، وانما هو اعتراض بين المبتدأ والخبر ، كقولك : زيد فافهم ما اقول رجل صدق . وانما لم يكن له موضع اعراب ، لأنه لم يقع موضع المفرد . ومعنى { ولن تفعلوا } : اي لن تأتوا بسورة من مثله ابداً ، لأن ( لن ) تنفي على التأبيد في المستقبل وفي قوله : { ولن تفعلوا } دلالة على صحة نبوته ، لأنه يتضمن الاخبار عن حالهم في المستقبل بانهم لا يفعلون ولا يجوز لعاقل ان يقدم على جماعة من العقلاء يريد تهجينهم فيقول : انتم لا تفعلون إلا وهو واثق بذلك ، ويعلم ان ذلك متعذر عندهم وينبغي ان يكون الخطاب خاصاً لمن علم الله انه لا يؤمن ، ولا يدخل فيه من آمن فيما بعد وإلا كان كذبا وقوله : { فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة } . الوقود بفتح الواو اسم لما يوقد . والوُقود بضمها ـ : المصدر وقيل إنهما بمعنى واحد في المصدر واسم الحطب . حكاه الزجاج والبلخي . والاول أظهر . { اتقوا الله } مشددة لغة اهل الحجاز . وبنو أسد وتميم يقولون : ( تقوا الله ) خفيف بحذف الألف . { الحجارة } قيل : إنها حجارة الكبريت لأنها أحر شيء اذا حميت . وروي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود . والظاهر إن الناس والحجارة : وقود النار وحطبها كما قال : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } تهيباً وتعظيما بانها تحرق الحجارة والناس . وقيل : إن أجسادهم تبقى على النار بقاء الحجارة التي توقدها النار بالقدح وقال قوم معناه : أنهم يعذبون بالحجارة المحماة مع النار . والاول أقوى وأليق بالظاهر . وانما جاز أن يكون قوله : { فاتقوا النار } جواب الشرط مع لزوم الاتقاء من النار كيف تصرفت الحال ، لأنه لا يلزمهم الاتقاء على التصديق بالنبوة إلا بعد قيام المعجزة ، فكأنه قال : فان لم تفعلوا ، ولن تفعلوا ، فقد قامت الحجة ، ووجب اتقاء النار بالمخالفة . وقوله : { أعدت للكافرين } لا يمنع من اعدادها لغير الكافرين من الفسّاق كما قال : { وإن جهنم لمحيطه بالكافرين } ولم يمنع ذلك من إحاطتها بالفساق والزناة والزبانية . وقال قوم : هذه نار مخصوصة للكافرين لا يدخلها غيرهم . والفساق لهم نار أخرى . وقد استدل بهذه على بطلان قول من حرم النظر والحجاج العقلي . بان قيل : كما احتج الله تعالى على الكافرين بما ذكره في هذه الآية وألزمهم به تصديق النبي ( صلى الله عليه وسلم ) والمعرفة بان القرآن كلامه ، لأنه قال : إن كان هذا القرآن كلام محمد فاتوا بسورة من مثله . ودلهم بعقولهم أنه لو كان كلام محمد لتهيأ لهم مثل ذلك ، لأنهم الذين يؤخذ عنهم اللغة . واذا كان لم يتهيأ لهم ذلك علموا بعقولهم أنه من كلام الله وهذا هو معنى الاحتجاج بالعقول ، فيجب ان يكون ذلك صحيحاً من كل واحد