Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 27-27)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

العهد : العقد ، والأصر مثله ، والعهد : الموثق . والعهد : الالتقاء ، يقال : ما لفلان عهد بكذا ، وهو قريب العهد بكذا ، والعهد له معان كثيرة . وسمي المعاهد وهو الذمي بذلك لأنه بايع على ما هو عليه من إعطاء الجزية ، والكف عنه . والعهدة كتاب الشراء ، وجمعه عهد . وإذا أقسم بالعهد تعلق به عندنا كفارة الظهار ، وقال قوم : كفارة يمين ، وقال آخرون : لا كفارة عليه . و { عهد الله } قال قوم : هو ما عهد إلى جميع خلقه في توحيده وعدله ، وتصديق رسوله بما وضع لهم من الأدلة الدالة على ربوبيته ، وعهد إليهم في أمره ونهيه ، وما احتج به لرسله بالمعجزات التي لا يقدر على الاتيان بمثلها الشاهدة لهم على صدقه . ونقضهم ذلك : تركهم الاقرار بما قد ثبت لهم صحته بالأدلة ، وتكذيبهم الرسل والكتب . وقال قوم وصية الله إلى خلقه ، وأمره على لسان رسله إياهم فيما أمرهم به من طاعته ، ونهيه إياهم عما نهاهم عنه . ونقضهم : تركهم العمل به . وقال قوم : هذه الآية نزلت في كفار أهل الكتاب ، والمنافقين منهم ، وإياهم عنى الله عز وجل بقوله { إن الذين كفروا سواء عليهم … } الآية . وقوله : { ومن الناس من يقول آمنا بالله } وكل ما في هذه الآية من اللوم والتوبيخ متوجه إليهم . وعهد الله الذي نقضوه بعد ميثاقه هو ما أخذه عليهم في التوراة من العمل بما فيها ، واتباع محمد ( صلى الله عليه وسلم ) إذا بعث ، والتصديق بما جاء به من عند ربهم ، ونقضهم ذلك جحودهم به بعد معرفتهم بحقيته وانكارهم ذلك ، وكتمانهم ذلك عند الناس بعد إعطائهم إياه تعالى من أنفسهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه ، وإيمانهم أنهم متى جاءهم نذير آمنوا به ، فلما جاءهم النذير ازدادوا نفوراً ، ونبذوا ذلك وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلا . وهذا الوجه اختاره الطبري . ويقوي هذا قوله : { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين من كتابٍ وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا : أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين } والأمر العهد أيضاً وقال : في موضع آخر : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها } وقال : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا } وقال قوم : انما عنى بذلك العهد الذي أخذه الله حين أخرجهم من صلب آدم الذي وصفه في قوله : { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم … } إلى آخر الآية وهذا الوجه عندي ضعيف لأن الله تعالى لا يجوز ان يحتج على عباده بعهد لا يذكرونه ولا يعرفونه . وما ذكروه غير معلوم اصلا . والآية سنبين القول فيها اذا انتهينا اليها إن شاء الله . والقطع هو الفصل بين الشيئين احدهما من الآخر . والأصل أن يكون في الأجسام ويستعمل في الأعراض تشبيهاً به . يقال قطع الحبل والكلام . والأمر هو قول القائل لمن دونه : افعل وهو ضد النهي . والوصل هو الجمع بين الشيئين من غير حاجز وقال قوم الميثاق هو التوثيق . كما قال : { أنبتكم من الأرض نباتا } كقولهم اعطيتهم عطاء يريد اعطاء . الاعراب : وقوله : { أن يوصل } بدل من الهاء التي في به تقديره : ما أمر الله بأن يوصل ، وهو في موضع خفض . { والذين } موضعه نصب ، لأنه صفة للفاسقين . { أولئك } رفع بالابتداء . { والخاسرون } خبره . { وهم } فصل عند البصريين وعماد عند الكوفيين . ويجوز أن يكون هم ابتداء ثانياً . والخاسرون خبره . والجملة في موضع خبر اولئك والنقض ضد الابرام . والميثاق والميعاد والميقات متقاربة المعنى . يقال وثق يثق ثقة واوثق ايثاقا . وتوثق توثقاً . ويقال فلان ثقة للذكر والانثى ، والواحد والجمع بلفظ واحد . فاذا جمع قيل ثقات في الرجال والنساء . ومن لابتدء الغاية في الآية . وقيل : إنها زائدة . والهاء في قوله ميثاقه يحتمل ان تكون راجعة إلى اسم الله تعالى . وقال قتادة قوله : { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } وقطيعة الرحم والقرابة . وقال غيره معناه الأمر بأن يوصل كل من أمر الله بصلة من اوليائه . والقطع : البراءة من اعدائه وهذا أقوى ، لأنه أعم من الأول . ويدخل فيه الأول . وقال قوم : اراد صلة رسوله وتصديقه ، فقطعوه بالتكذيب وهو قول الحسن . وقال قوم أراد أن يوصل القول بالعمل ، فقطعوا بينهما بأن قالوا ولم يعملوا . وما قلناه اولا أولى لأنا إذا حملناه على عمومه دخل ذلك فيه . وقوله : { ويفسدون في الأرض } . قال قوم : استدعاؤهم إلى الكفر . وقال قوم : إخافتهم السبيل وقطعهم الطريق . وقال قوم اراد كل معصية تعدى ضررها إلى غير فاعلها . والخسران هو النقصان قال جرير : @ إن سليطا في الخسار إنه أولاد قوم خلقوا أقنه @@ يعني بالخسار ما ينقص من حظوظهم وشرفهم وقال قوم : الخسار ها هنا : الهلاك يعني هم الهالكون . وقال قوم : كلما نسبه الله من الخسار إلى غير المسلمين فانما عنى به الكفر وما نسب به إلى المسلمين انما عنى به الدنيا ؛ روي ذلك عن ابن عباس .