Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 284-284)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة : قرأ { فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } بالرفع عاصم ، وابن عامر على الاستئناف في قول المبرد . ويجوز أن يكون محمولا على تأويل { يحاسبكم } لأنه لو دخلته الفاء كان رفعاً ، فيكون فيه على هذا معنى الجواب . وقرأ الباقون على الجزم : عطفاً على { يحاسبكم } وهو جواب الشرط ، وكان يجوز أن يقرأ فيغفر بالنصب على مصدر الفعل الأول وتقديره إن يكن محاسبة ، فيغفر لمن يشاء . وروي ذلك عن أبن عباس . المعنى : واللام في قوله : { لله } لام الملك ومعناه ان لله تصريف السماوات والأرض وتدبيرهما لقدرته على ذلك وليس لأحد منعه منه وإنما ذكر قوله : { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه } لأن المعنى فيه كتمان الشهادة . ويحتمل أن يريد جميع الاحكام التي تقدمت في السورة . خوفهم الله من العمل بخلافها . وقال قوم هذه الآية منسوخة بقوله : { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } ورووا في ذلك خبراً ضعيفاً ، وهذا لا يجوز لأمرين : أحدهما - أن الاخبار التي لا تتضمن معنى الأمر والنهي والاباحة لا يجوز نسخها ، وهذا خبر محض خال من ذلك . الثاني - لا يجوز تكليف نفس ما ليس في وسعها على وجه ، فينسخ . ويجوز أن تكون الآية الثانية بينت الاولى وأزالت توهم من صرف ذلك إلى غير وجهه ، فلم يضبط الرواية فيه ، وظن أن ما يخطر للنفس أو تحدث نفسه به مما لا يتعلق بتكليفه فان الله يؤاخذه به . والأمر بخلاف ذلك ، وإنما المراد بالآية ما يتناوله الأمر والنهي من الاعتقادات والارادات وغير ذلك مما هو مستور عنا . فأما ما لا يدخل في التكليف فخارج عنه لدلالة العقل . ولقوله ( ع ) تجوز لهذه الأمة عن نسيانها وما حدثت به أنفسها . وقوله : { فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء } معناه ممن يستحق العقاب بأنه إن شاء عاقبه ، وإن شاء عفا عنه . وذلك يقوّي جواز العفو عقلاً ، وإنما يقطع على عقاب بعض العصاة لدليل ، وهم الكفار - عندنا - فأما من عداهم فلا دليل يقطع به على أنهم معاقبون لا محالة . والآيات التي يستدلون بها نبين الوجه فيها إذا انتهينا إليها إن شاء الله .