Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 42-42)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اللغة : اللبس ، والستر ، والتغطية ، والتعمية ، نظائر . والفرق بين التعمية ، والتغطية ان التعمية قد تكون بالنقصان والزيادة ، والتغطية تكون بالزيادة وضد الستر : الكشف . وضد اللبس : الايضاح . يقال : لبس ، لبساً . وألبَسه ، إلباساً . والتبس ، التباساً . وتلبَّس ، تلبساً . ولبّسه ، تلبيساً ولابَسه ، ملابسةً . واللباس ما واريت به جسدك . ولِباس التقوى : الحياء والفعل : لبس ، يلبس . واللبس : خلط الأمور بعضها ببعض . إذا التبست . واللبوس : الدروع . وكل شيء تحصنت به ، فهو لبوس . قال الله تعالى : { وعلمناه صنعة لبوسٍ لكم } قال الشاعر : @ إلبس لكل حالة لبوسَها إما نعيمها وإما بؤسها @@ وثوبٌ لبيس . وجمعه : ألبس . واللبسة : ضربٌ من اللباس . والفعل : لبس يلبس ؛ لبساً ، ولبسة واحدة . ويقال : لبست الأمر ألبسه : إذا عميته . ومنه قوله : { وللبسنا عليهم ما يلبسون } ولابست الرجل ملابسةً : إذا عرفت دخلته . وفي فلان ملبس : إذا كان فيه مستمع . وفي أمره لبسة : أي ليس بواضح وأصل اللبس : الستر : قال الأخطل : @ وقد لبست لهذا الدهر أعصره حتى تجلل راسي الشيب فاشتعلا @@ والفرق بين اللبس ، والاخفاء ، والريب ، والاشكال . أن الاخفاء يمكن أن يدرك معه المعنى . ولا يمكن إدراك المعنى مع اللبس . والريب معه تهمة المشكوك فيه . والاشكال قد يدرك معه المعنى ، إلا أنه بصعوبة ، لأجل التعقيد . وأسباب الالباس كثيرة : منها الاشتراك . ومنها الاختلاف . ومنها الاختزال . وهو : حذف مقدمه وشرطه ، أو ركنه . ومنها الاختلاط ، والبسط . وهو : المنع من إدراك الشيء ، تشبيهاً بما يمنع من إدراكه بالستر والتغطية . ومنه قول النبي " صلى الله عليه وسلم " للحارث بن خوط : " يا حار ، إنه ملبوس عليك . إن الحق لا يعرف بالرجال . إعرف الحق تعرف أهله " . والبطلان ، والفساد ، والكذب ، والزور ، والبهتان ، نظائر . وضد الحق : الباطل . يقال : بطل ، بطولا وبطلا ، وبطلاناً : إذا تلف . وأبطلته ، إبطالا : إذا أتلفته . والبطل ، والباطل ، واحد . وبطل الرجل ، بطولة إذا صار بطلا . ويقال : رجل بطل . ولا يقال : إمرأة بطلة . وبطل ، بطالة : إذا هزل ، وكان بطالا . والأ باطل : جمع إبطالة وأبطولة . والباطل : ضد الحق . وأبطلته : جعلته باطلا . وأبطل فلان : إذا جاء بباطل . والبطل : الشجاع الذي يبطل جراحاته ، لا يكترث لها ، ولا تكفه عن نجدته . وأصل الباطل ، الخبر الكذب . ثم كثر حتى قيل لكل فاسد . ويقال : فعل باطل أي قبيح . وبناء باطل أي منتقض . وزرع باطل أي محترق تالف . المعنى : ومعنى لبسهم الحق بالباطل : أنهم آمنوا ببعض الكتاب ، وكفروا ببعض ، فخلطوا الحق بالباطل ، لأنهم جحدوا صفة محمد " صلى الله عليه وسلم " فذلك الباطل ، وأقروا بغيره مما في الكتاب على ما هو به ، وذلك حق . وقال ابن عباس : لا تخلطوا الصدق بالكذب . وقال الحسن : كتموا صفة محمد " صلى الله عليه وسلم " ودينه ، وهو الحق . وأظهروا دين اليهودية والنصرانية . وقال ابن زيد : الحق : التوراة التي أنزلها الله على موسى . والباطل : ما لبسوه بأيديهم . واللبس في الآية : قيل معناه : التعمية وقيل : خلط الحق بالباطل ، عن ابن عباس . ومنه قوله : { وللبسنا عليهم ما يلبسون } أي لخلطنا عليهم ما يخلطون . قال العجاج : @ لما لبسن الحق بالتجني عيين واستبدلن زيداً مني @@ وقال بعضهم : الحق : إقرارهم بأن محمداً " صلى الله عليه وسلم " مبعوث إلى غيرهم . والباطل إنكارهم أن يكون بعث إليهم . وهذا ضعيف ، لأنه إن جاز ذلك على نفر يسير ، لم يجز على الخلق الكثير ، مع إظهار النبي " صلى الله عليه وسلم " وتكذيبهم فيه ، وإقامة الحجة عليهم . الاعراب : وقوله : { وتكتموا الحق } يحتمل أمرين من الاعراب . أحدها الجزم على النفي ، كأنه قال : لا تلبسوا الحق ، ولا تكتموه . والآخر النصب على الظرف ، كأنه قال : لا تجمعوا اللبس والكتمان . كما قال الشاعر : @ لا تنه عن خلق وتأتي مثله عارُ عليك إذا فعلت عظيم @@ ومثله : لا يسعني شيء ، ويعجز عنك . وعند الخليل وسيبويه ، والاخفش ، ينصب مثل ذلك ، باضمار أن . ويكون تقدير الكلام : لا يكن منكم لبس الحق وكتمانه . ودل { تلبسوا } على اللبس و { تكتموا } على الكتمان . كما تقول : من كذب كان شراً له . فكذب دليل على الكذب . فكأنه قال : من كذب كان الكذب شراً له . قوله : { وأنتم تعلمون } المعنى : قال قوم : هو متوجه إلى رؤساء أهل الكتاب ، ولذلك وصفهم بأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه للتلبيس على أتباعهم قالوا وهذا تقبيح لما يفعلونه . وكذلك قوله : { وتكتمون الحق } أي تتركون الاعتراف به ، وأنتم تعرفونه أي تجحدون ما تعلمون . وجحد المعاند أعظم من جحد الجاهل . ومن قال هذا ، لا يلزمه ما يتعلق به أهل التعارف ، من هذه الآية ، من قولهم : إن الله أخبر أنهم يكتمون الحق وهم يعلمون ، لأنه إذا خص الخطاب بالرؤساء وهم نفر قليل فقد جوز على مثلهم العناد والاجتماع على الكتمان . وإنما يمنع مع ذلك في الجماعة الكثيرة ، لما يرجع إلى العادات ، واختلاف الدواعي . كما قيل في الفرق بين التواطي والاتفاق في العدد الكثير . وقال بعضهم : وأنتم تعلمون البعث والجزاء . فان قيل : كيف يصح ذلك على أصلكم الذي تقولون : إن من عرف الله لا يجوز أن يكفر ؟ . وهؤلاء إذا كانوا كفاراً ، وماتوا على كفرهم . كيف يجوز أن يكونوا عارفين بصفة محمد ، وأنه حق ، بما معهم من التوراة . وذلك مبني على معرفة الله ، وعندكم ما عرفوا الله ؟ قيل : إن الله الذي يمنع أن يكفر من عرف الله ، إذا كان معرفته على وجه يستحق بها الثواب ، فلا يجوز أن يكفر ، لأنه يؤدي إلى اجتماع الثواب الدائم على إيمانه ، والعقاب الدائم على كفره . والاحباط باطل . وذلك خلاف الاجماع . ولا يمتنع أن يكونوا عرفوا الله على وجه لا يستحقون به الثواب لأن الثواب إنما يستحق ، بأن يكونوا نظروا من الوجه الذي وجب عليهم . فأما إذا نظروا بغير ذلك ، فلا يستحقون الثواب ، فيكونوا على هذا عارفين بالله وبالكتاب الذي أنزله على موسى ، وعارفين بصفات النبي " صلى الله عليه وسلم " . لكن لا يؤمنون مستحقين الثواب . وعلى هذا يجوز أن يكفروا . وفي الناس من قال : استحقاقهم الثواب على إيمانهم ، مشروط بالموافاة . فاذا لم يوافوا به ، لم يستحقوا الثواب فعلى هذا أيضاً ، يجوز أن يكونوا عارفين ، وإن لم يكونوا مستحقين لثواب يبطل بالكفر . والمعتمد الأول . وقال قوم : الآية متوجهة إلى المنافقين منهم . وكان خلطهم الحق بالباطل ما أظهروا بلسانهم من الاقرار بالنبي " صلى الله عليه وسلم " بما يستبطنونه من الكفر . وهذا يمكننا الاعتماد عليه ، ويكون قوله : { وأنتم تعلمون } معناه أنكم تعلمون أنكم تظهرون خلاف ما تبطنونه . وهذا أسلم من كل وجه على أصلنا . ويمكن أن يقال : معنى قوله : { وأنتم تعلمون } أي عند أنفسكم ، لأنهم إذا كانوا يعتقدون أنهم عالمون بالتوراة ، وبأنه من عند الله ، وفيها ذكر النبى ، فهم عالمون عند انفسهم بنبوته ، لكن يكابرون .