Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 43-43)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اللغة : الصلاة في أصل اللغة : الدعاء . قال الأعشى : @ عليك مثل الذي صليت فاغتمضي نوماً فان لجنب المرء مضطجعا @@ أي دعوت . وقال آخر : @ وقابلها الريح في دّنها وصلى على دّنها وارتسم @@ أي ودعا . وقيل : أصلها : اللزوم . من قول الشاعر : @ لم أكن من جناتها علم الله واني لحرها اليوم صال @@ أي ملازم لحرها . وكان معنى الصلاة ، ملازمة العبادة على الحد الذى أمر الله عز وجل . وقيل : أصلها : الصلا وهو عظم العجز لرفعه في الركوع والسجود من قول الشاعر : @ فآب مصلوه بغير جلية وغودر بالجولان حزم ونائل @@ اي الذين جاؤوا في صلا السابق . والقول الأول أقرب إلى معنى الصلاة في الشرع . وقد بينا معنى إقامة الصلاة فيما مضى ، فلا وجه لاعادته . وقوله : { وآتوا الزكاة } فالزكاة . والنماء ، والزيادة ، نظائر في اللغة . ونقيض الزيادة : النقصان . ويقال : زكا ، يزكو زكاء . وتزكى ، تزكية . قال صاحب العين : الزكاة ، زكاة المال ، وهو تطهيره . ومنه زكى ، يزكي ، تزكيةً . والزكاة : زكاة الصلاح تقول : رجل تقي زكي . ورجال أتقياء أزكياء . والزرع زكا زكاء ممدود ـ . وكل شيء يزداد وينمو ، فهو يزكو زكاء . وتقول : هذا لا يزكو بفلان أي لا يليق به . قال الشاعر : @ المال يزكو بك مستكثراً يختال قد أشرق للناظر @@ ومصدر الزكاة : ممدود . ويقال : إن فلاناً لزكا النقد أي حاضره وعتيده . والزكا : الشفع قال الشاعر : @ كانوا خساً أو زكاً من دون أربعة لم يخلقوا وجدود الناس تعتلج @@ والخسا ، الوتر . وأصل الباب : النمو ، والزكاة تنمي المال بالبركة التى يجعل الله فيه . وسمي بالزكاة في الشريعة ، ما يجب إخراجه من المال ، لأنه نماء ما ينقى ويثمر . وقيل : بل مدح لما ينقى ، لأنه زكي أي مطهر . كما قال : { أقتلت نفساً زكية بغير نفس } أي طاهرة وقوله : { واركعوا } . فالركوع ، والانحناء ، والانخفاض نظائر في اللغة . يقال : ركع ، ورفع قال الشاعر : @ @ لا تهين الفقير علك أن تركع يوماً والدهر قد رفعه @@ @@ قال أبو زيد : الراكع : الذي يكبو على وجهه . ومنه الركوع في الصلاة . قال الشاعر : @ وأفلت حاجب فوق العوالي على شّقاء تركع في الظراب @@ والركعة : الهوة في الارض لغة يمانية قال صاحب العين : كل شيء ينكب لوجهه ، فتمس ركبته الأرض أولا تمس ، بعد أن يطأطىء رأسه ، فهو راكع . قال الشاعر : @ ولكني أنص العيس تدمى أيا طلها وتركع بالحزون @@ وقال لبيد : @ أخبر أخبار القرون التي مضت أدب كأني كلما قمت راكع @@ وقيل : إنه مأخوذ من الخضوع . ذهب اليه المفضل بن سلمة والأصمعي . قال الشاعر : لا تهين الفقير علك أن تركع يوماً والدهر قد رفعه والأول أقوى ، لأن هذا مجاز مشبه به . وقوله : { واركعوا مع الراكعين } إنما خص الركوع بالذكر من أفعال الصلاة ، لما قال بعض المفسرين : إن المأمورين هم أهل الكتاب ، ولا ركوع في صلاتهم . وكان الأحسن ذكر المختص دون المشترك ، لأنه أبعد عن اللبس . وقيل : لأنه يعبر بالركوع عن الصلاة . يقول القائل : فرغت من ركوعي أي من صلاتي . وانما فعل ذلك ، لأنه أول ما يشاهد مما يدل على أن الانسان في الصلاة ، لأنا بينا أن أصل الركوع الأنحناء . فان قيل : كيف أمروا بالصلاة والزكاة وهم لا يعرفون حقيقة ما في الشريعة ؟ قيل : إنما أمروا بذلك ، لأنهم أحيلوا فيه على بيان الرسول اذ قال : { ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ولذلك جاز أن يأمرهم بالصلاة على طريق الجملة ، ويحيلهم في التفصيل إلى بيان الرسول " صلى الله عليه وسلم " . وقد بينا ما ورد الشرع به ، من الصلاة والزكاة ، وفرائضها وسننها في كتاب النهاية والمبسوط وغيرهما من كتبنا في الفقه ، فلا نطول بذكره في هذا الكتاب . وقد ورد في القرآن على طريق الجملة آي كثير : نحو قوله : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } . وقوله { وأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً } وقوله : { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } وقوله : { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون } ويمكن الاستدلال بهذه الآيات على وجوب الصلوات ، وعلى صلاة الجنائز ، وصلاة العيدين ، وعلى وجوب الصلاة على النبي وآلة في التشهد ، لأنه عام في جميع ذلك . فان قيل : قوله : { وأقيموا الصلاة } قد ثبت أن هذا خطاب لأهل الكتاب ، وليس في صلاتهم ركوع ، فكأنه أمرهم بالصلاة على ما يرون هم ، وأمرهم بضم الركوع إليها . وعلى معنى قوله : " اركعوا " أي صلوا نقول : إن ذلك تأكيد . ويمكن أن يقال : فيه فائدة . وهو أن يقال : إن قوله : { وأقيموا الصلاة } إنما يفيد وجوب إقامتها . ويحتمل أن يكون إشارة إلى صلاتهم التي يعرفونها . ويمكن أن يكون إشارة إلى الصلاة الشرعية ، فلما قال : { واركعوا مع الراكعين } يعني مع هؤلاء المسلمين الراكعين ، تخصصت بالصلاة في الشرع ، ولا يكون تكراراً ، بل يكون بياناً . وقيل : قوله : { واركعوا مع الراكعين } حث على صلاة الجماعة ، لتقدم ذكر الصلاة المنفردة في أول الآية .