Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 45-45)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال الجبائي : هذا خطاب للمؤمنين دون أهل الكتاب . وقال الطبري ، والرماني : هو خطاب لأهل الكتاب ، ويتناول المؤمنين على وجه التأديب . والأقوى أن يكون خطاباً لجميع من هو بشرائط التكليف ، لفقد الدلالة على التخصيص ، واقتضاء العموم ذلك . فمن قال : إنه خطاب لأهل الكتاب ، قال : لأنه قال : واستعينوا على الوفاء بعهدي الذي عاهدتكم في كتابكم عليه : من طاعتي ، واتباع أمري واتباع رسولي ، وترك ما نهيتكم عنه ، والتسليم لأمري ولمحمد " صلى الله عليه وسلم " بالصبر والصلاة . اللغة : وأصل الصبر : هو منع النفس محابها ، وكفها عن هواها . ومنه الصبر على المصيبة ، لكفه نفسه عن الجزع . وقيل لشهر رمضان : الصبر ، لصبر صائمه عن الطعام والشراب نهاراً وصبرت إياهم صبرة : حبسه لهم ، وكفه إياهم عنه ، كما يصبر الرجل القتيل ، فيحبسه عليه ، حتى يقتله صبراً يعني حبسه عليه ، حتى قتله . والمقتول : مصبور . والقاتل : صابر . والصبر . واللبث ، والحبس ، نظائر . والصبر : ضد الجزع . وأنشد أبو العباس : @ فان تصبرا ، فالصبر ، خيرُ معيشة وإن تجزعا ، فالأمر ما تريان @@ ويقال : صبر صبراً . وتصبر تصبراً . واصطبر ، اصطباراً . وتصابر تصابراً . وصابره مصابرة . قال صاحب العين : الصبر : نصب الانسان للقتل . فهو مصبور . يقال : صبروه أي نصبوه للقتل . ويقال : صبرته أي حلفّته بالله جهد نفسه . وكل من حبسته لقتل أو يمين ، فهو قتل صبر ويمين صبر . والصبر : عصارة شجر معروف . والصبار : تمر الهند . وصبر الاناء ونحوه : نواحية . وأصبار القبر : نواحيه . والصبرة من الحجارة : ما اشتد وغلظ . والجمع : الصبّار . وأم صبار : هي الداهية الشديدة . وصبر كل شيء : أعلاه . وصبير القوم : الذي يصبر معهم في أمرهم وصبر الخِوان : رقاقة غليظة تبسط تحت ما يؤكل من الطعام . وتقول : اشتريت الشيء بلا صبر أي بلا كيل والصبير : الكفيل واصل الباب : الصبر الذي هو الحبس . المعنى : والصبر خلق محمود ، أمر الله تعالى به ودل عليه ، فقال : { واصبر وما صبرك إلا بالله } وقال : { اصبروا وصابروا } وقال : { وبشر الصابرين } وقال : { واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور } وفى الحديث : " اقتلوا القاتل ، واصبروا الصابر " وذلك فيمن أمسكه حتى قتله آخر فأمر بقتل القاتل ، وحبس الممسك . والصبر المأمور به في الآية ، قيل : فيه قولان : أحدهما الصبر على طاعته واجتناب معصيته . والثاني أنه الصوم . وفي الصلاة ها هنا قولان : أحدهما الدعاء . والثاني أنها الصلاة الشرعية ذات الركوع والسجود . وكان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إذا أحزنه أمر ، استعان بالصلاة والصوم . ووجه الاستعانة بالصلاة ، لمكان ما فيها من تلاوة القرآن والدعاء والخضوع لله تعالى ، والاخبات . فان في ذلك معونة على ما تنازع اليه النفس من حب الرياسة والانفة من الانقياد إلى الطاعة . والضمير في قوله : { وإنها لكبيرة } عائد على الصلاة عند أكثر المفسرين . وقال قوم : عائد إلى الاجابة للنبي ( عليه السلام ) وهذا ضعيف ، لأنه لم يجر للاجابة ذكر ولا هي معلومة ، إلا بدليل غامض . وليس ذلك كقوله { إنا أنزلناه } لأن ذلك معلوم ورد الضمير على واحد ، وقد تقدم ذكر شيئيين فيه قولان : أحدهما : انها راجعة إلى الصلاة دون غيرها على ظاهر الكلام ، لقربها فيه ولأنها الأهم والأفضل ولتأكيد حالها وتفخيم شأنها وعموم فرضها . والآخر ان يكون المراد الاثنين وان كان اللفظ واحداً كقوله : { والله رسوله أحق أن يرضوه } قال الشاعر : @ اما الوسامة او حسن النساء فقد اوتيت منه أوانّ العقل محتنك @@ وقال البرجمي : @ فمن يك امسى بالمدينة رحله فاني وقيار بها لغريب @@ وقال ابن احمد : @ رماني بأمر كنت منه ووالدي برياً ومن طول الطوي رماني @@ وقال آخر : @ نحن بما عندنا وانت بما عندك راضٍ والرأي مختلف @@ وقوله { وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها } . قال قوم : اللفظ واحد والمراد به اثنان . وقال الفرّاء : راجع إلى التجارة لأن تجارةً جاءت فضربوا بالطبل فانصرف الناس اليها . والاستعانة في الآية المامور بها على ما تنازع اليه نفوسهم من حب الرياسة وغلبة الشهوة للذة العاجلة والاستعانة بالصبر على المشقة بطاعة الله . ومعنى ( الكبيرة ) ها هنا أي ثقيلة عند الحسن والضحاك . وأصل ذلك ما يكبر ويثقل على الانسان حمله ، كالأحمال الجافية التي يشق حملها ، فقيل لما يصعب على النفس ، وان لم يكن من جهة الحمل يكبر عليها . تشبيهاً بذلك . وقوله : { إلا على الخاشعين } اللغة : فالخشوع ، والخضوع ، والتذلل ، والاخبات ، نظائر . وضد الخضوع : الاستكبار . يقال : خشع خشوعاً . وتخشع تخشعاً . قال صاحب العين : خشع الرجل يخشع خشوعاً : إذا رمى ببصره الأرض . واختشع : إذا طأطأ رأسه كالمتواضع . والخشوع قريب المعنى من الخضوع ، إلا أن الخضوع في البدن ، والاقرار بالاستخدام . والخشوع في الصوت والبصر . قال الله تعالى : { خاشعة أبصارهم } و { وخشعت الأصوات للرحمن } أي سكنت . وأصل الباب : من اللين والسهولة من قولهم : نقاً خاشعاً : للأرض التي غلبت عليها السهولة . والخاشع : الأرض التي لا يهتدى إليها بسهولة ، لمحو الرياح آثارها . والخاشع ، والمتواضع ، والمتذلل ، والمسكين ، بمعنى واحد قال الشاعر : @ لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع @@ وخاشع : صفة مدح ، لقوله : { والخاشعين والخاشعات } وإنما خص الخاشع بأنها لا تكبر عليه ، لأن الخاشع قد تواطأ ذلك له ، بالاعتياد له ، والمعرفة بماله فيه ، فقد صار بذلك بمنزلة ما لا يشق عليه فعله ، ولا يثقل تناوله وقال الربيع بن أنس : { الخاشعين } في الآية : الخائفون .