Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 44-44)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : كل طاعة لله تعالى ، فلا خلاف أنها تسمى براً . واختلفوا في المراد بهذه الآية . فقال ابن عباس : المراد به التمسك بكتابهم ، فكانوا يأمرون أتباعهم ، ويتركون هم التمسك به ، لأن جحدهم النبي " صلى الله عليه وسلم " هو تركهم التمسك به . وقال قتادة : كانوا يأمرون الناس بطاعة النبي " صلى الله عليه وسلم " ويخالفون ذلك وقال قوم : إن معناه : أنهم كانوا يأمرون ببذل الصدقة ، ويضنون بها . وقال بعضهم : البر : الصدق من قولهم : صدق ، وبر ومعناه : أنهم يأمرون بالصدق ولا يصدقون . اللغة : والبر في أصول اللغة والصلة ، والاحسان ، نظائر . يقال : هو بار وصول محسن . وضد البر : العقوق . وقال ابن دريد : البر ضد العقوق . ورجل بار وبر بمعنى واحد . وبرت يمينه : إذا لم يحنث . وبر حجه وبر لغتان والبر : خلاف البحر . والبر : معروف أفصح من الحنطة والقمح . واحدة برة . قال الهذلي : @ لادر دري إن أطعمت نازلهم قرف الحني وعندي البر مكنوز @@ الحني : ردي المقل خاصة . ومن أمثالهم : لا يعرف الهر من البر . واختلفوا في هذا المثل فقال الرماني : الهر : السنور . والبر : الفارة في بعض اللغات . أو دويبة تشبهها . وقال الاخفش : معناه : لا يعرف من يبره ممن يهر عليه . وقوم بررة أبرار والمصدر البر . ويقال : صدق وبر . وبرت يمينه أي صدقت . وكانت العرب تقول : فلان يبرر به أي يطيعه قال الراجز : @ لاهم إن بكراً دونكا يبرك الناس ويفجرونكا @@ والابرار : الغلبة يقال أبر عليهم فلان . قال طرفة : @ ويبرون على الآي البر . @@ والبربرة : كثرة الكلام ، والجلبة باللسان . وأصل الباب كله : البر وهو : اتساع الخير . والفرق بين البر والخير ، أن البر يدل على القصد ، والخير قد يقع على وجه السهولة . قوله : { وتنسون أنفسكم } . اللغة : فالنسيان ، والغفلة ، والسهو ، نظائر . وضد النسيان : الذكر . تقول : نسي نسياناً . وأنساه ، إنساء . وتناساه ، تناسياً . وفلان نسي ، كثير النسيان . والنسي ، والمنسي . الذي ذكره الله تعالى : { وكنت نسياً منسيا } وسمي الانسان إنساناً ، إشتقاقاً من النسيان . وهو في الاصل : إنسيان . وكذلك إنسان العين . والجمع : أناسي . والنسا : عرق سيق بين الفخذين ، فيستمر في الرجل . وهما نسيان . والجمع : أنساء . وهو في الفخذ . ويسمى في الساق : الطفل . وفي البطن : الحالبين وفي الظهر : الأبهر . وفى الحلق : الوريد . وفي القلب : الوتين . وفي اليد : الأكحل . وفي العين : الناظر . يقال : هو بهر الجسد ، لأنه يمد جميع العروق . وأصل الباب : النسيان ضد الذكر . وقوله : { نسوا الله فنسيهم } أي تركوا طاعته ، فترك ثوابهم . ويقال : آفة العلم النسيان . والمذاكرة تحيي العلم . وحد النسيان : غروب الشيء عن النفس بعد حضوره لها . والفرق بين النسيان والسهو ، أن السهو يكون ابتداءً وبعد الذكر . والنسيان لا يكون إلا بعد الذكر . والنسيان ، والذكر معاً ، من فعل الله تعالى ، لأن الانسان يجتهد أن يذكر شيئاً فلا يذكره . المعنى : ومعنى قوله : { وتنسون أنفسكم } أي تتركونها . وليس المراد بذلك ما يضاد الذكر ، لأن ذلك من فعل الله لا ينهاهم عنه . فان قيل : إذا كان الواجب عليهم مع ترك الطاعة والاقامة على المعصية ، الأمر بالطاعة ، والنهي عن المعصية ، فكيف قيل لهم هذا القول ؟ قلنا : في أمرهم بالطاعة ، ونهيهم عن المعصية تعظيم لما يرتكبونه من معصية الله تعالى ، لأن الزواجر كلها ، كلما كانت أكثر ، كانت المعصية أعظم ففي نهيهم لغيرهم ، زواجر . فهو توبيخ على عظيم ما ارتكبوا من ذلك . وقوله : { وأنتم تتلون الكتاب } . اللغة : فالتلاوة ، والقراءة ، والدراسة ، نظائر . يقال : فلانٌ يتلو تلاوة ، فهو تالٍ أي تابع . والمتالي : الأمهات إذا تلاهن الاولاد . والواحد : متل . وناقة متلية : وهي التي تنتج في آخر النتاج . وأصل الباب : الاتباع . فتسمى التلاوة بذلك ، لاتباع بعض الحروف فيها بعضاً . والفرق بين التلاوة والقراءة ، أن أصل القراءة جمع الحروف ، وأصل التلاوة ، اتباع الحروف . وكل قراءةٍ تلاوة ، وكل تلاوةٍ قراءة وحد الرماني : التلاوة : ما به صوت يتبع فيه بعض الحروف بعضاً . المعنى : والكتاب الذي كانوا يتلونه التوراة على قول ابن عباس وغيره . وقال أبو مسلم كانوا يأمرون العرب باتباع الكتاب الذى في أيديهم ، فلما جاءهم كتاب مثله ، لم يتبعوه . وقوله : { أفلا تعقلون } اللغة : فالعقل ، والفهم ، واللب ، والمعرفة ، نظائر يقال فلانٌ عاقلٌ فهيم أديب ذو معرفة ، وضد العقل : الحمق . يقال : عقل الشيء عقلا ، وأعقله غيره إعقالا . ويقال : اعتقله ، اعتقالا وانعقل ، انعقالا . وقيل لابن عباس : أنى لك هذا العلم ؟ قال : قلبٌ عقول ، ولسانٌ سؤول . ويقال : عقلت بعد الصبا أي عرفت الخطأ الذي كنت فيه . وقال صاحب العين : العقل : ضد الجهل يقال : عقل الجاهل : إذا علم . وعقل المريض بعد ما هجر وعقل المعتوه ونحوه والعِقال : الرباط ويقال : عقلت البعير أعقله ، عقلاً : إذا شددت يده بالعقال وإذا أخذ صدقة الابل تامةً لسنةٍ يقال : أخذ عقالاً وعقالين لسنتين ، وعقلا لجماعة وقال الشاعر : @ سعى عقالاً فلم يترك لنا سبداً فكيف لو قد سعى عمرو عقالين لاصبح الناس أوباداً وما وجدوا يوم التحمل في الهيجا جمالين @@ قال المبرد : يقال للمصدق إذا أخذ من الصدقة ما فيها ولم يأخذ ثمنه : أخذ عقالاً . وإذا أخذ قيمته : قيل : أخذ نقداً . والعقيلة من النساء : التي قد عُقلت في بيتها أي حبست في بيتها وخدرت . والجمع : عقائل . والدرة عقيلة البحر . وعقيلة كل شيء : أكرمه . وعُقل القتيل : إذا أوديت ديته من القرابة ، لا من القبائل . والعقل في الرجل : اصطكاك الركبتين والعقل : ثوب أحمر تتخذه نساء العرب . والمعقول : هذا العقل عند قوم . قال الراعي : @ حتى إذا لم يتركوا لعظامه لحماً ولا لفؤاده معقولا @@ والعقل ، والمعقل : وهو الحصن وجمعه : عقول والعاقول من النهر والوادي ومن الامور أيضاً : الملتبس ، وما اعوج منه . وعقل الدواء بطنه أي حبسه وقولهم لا يعقل حاضر لبادٍ قال ابن دريد : معناه أن القتيل إذان بالبادية ، فان أهلها يتعاقلون بينهم الدِّية ، ولا يلزمون أهل الحضر من بني اعمامهم شيئا . وفي الحديث " انا لا نتعاقل المضيع " يعني ما سهل من الشجاج ، بل يلزم الجاني . وعاقلة الرجل : بنو عمه الأدنون ، لأنهم كالمعقل له . وأصل الباب العقل الذي هو العقد . والعقل مجموع علوم لأجلها يمتنع من كثير من القبائح يعقل كثيراً من الواجبات . وقال الرماني : العقل هو العلم الأول الذي يزجر عن قبيح الفعل . وكل من كان زاجره أقوى ، كان عقله أقوى . وقيل : العقل : معرفة يفصل بها بين القبيح والحسن في الجملة . وقيل : العقل : قوة يمكن معها الاستدلال بالشاهد على الغائب . وهذه العبارات قريبة المعاني مما ذكرناه . والفرق بين العقل والعلم ، أن العقل قد يكمل لمن فقد بعض العلوم ، كفقدِ من كمل عقله العلم بأن هذه الرمانة حلوة أو حامضة . ولا يكمل العلم لمن فقد بعض عقله . فان قيل : اذا كان العقل مختلفا فيه ، فكيف يجوز أن يستشهد به ؟ . قيل الاختلاف في ماهية العقل ، لا يوجب الاختلاف في قضاياه . ألا ترى أن الاختلاف في ماهية العقل حتى قال بعضهم معرفة ، وقال بعضهم قوة لا يوجب الاختلاف في أن الألف أكثر من الواحد ، وأن الموجود غير المعدوم ، وغير ذلك من قضايا العقل .