Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 89-89)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : التقدير : ولما جاء اليهود من بني اسرائيل الذين وصفهم الله ، كتاب من عند الله يعني به القرآن الذي انزله على محمد " صلى الله عليه وسلم " واشتقاق الكتاب من الكتب ، وهو جمع كتبة وهي الخرزة . وكلما ضممت بعضه إلى بعض ، فقد كتبته . والكتيبة من الجيش من هذا الانضمام بعضها إلى بعض . وقوله : { مصدق لما معهم } من الكتب التي انزلها الله قبل القرآن من التوراة والانجيل وغيرهما . " ومعنى مصدق لما معهم " لما في التوارة والانجيل ، والاخبار التي فيها . ويحتمل ان يكون المراد : مصدق بان التوراة والانجيل من عند الله . ومصدق رفع ، لأنه نعت الكتاب . ولو نصب على الحال ، لكان جائزاً ، لكن لم يقرأ به . وقوله : { وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا } . قال ابو عبيدة معناه يستنصرون . قال ابن عباس : إن اليهود كانوا يستنصرون على الاوس الخزرج برسول الله " صلى الله عليه وسلم " قبل مبعثه فلما بعثه الله في العرب ، فقال لهم معاذ بن جبل وبشير ابن معرور : يا معشر اليهود اتقوا الله واسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم ونحن اهل الشرك ، وتخبرونا بانه مبعوث . فقال لهم سلام بن مثكم : ما جاء بشيء ، وما هو بالذي كنا نذكر لكم . فانزل الله ذلك . وقال قوم : معنى { يستفتحون } يستحكمون ربهم على كفار العرب . كما قال الشاعر : @ ألا أبلغ بني عُصم رسولا فاني عن فُتاحتكم غني @@ اي محاكمتكم . وقال قوم : معناه يستعلمون من علمائهم صفة نبي يبعث من العرب ، وكانوا يصفونه . فلما بعث انكروه . واما جواب قوله : { ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم } فقال قوم : ترك جوابه استغناء بمعرفة المخاطبين . معناه كما قال : { ولو أن قرآناً سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى } فترك الجواب ، وكان تقديره ولو ان قرآناً سوى هذا القرآن سيرت به الجبال ، او قطعت به الارض ، او كلم به الموتى لسيرت بهذا . ترك ذلك لدلالة الكلام عليه وكذلك الآية الجواب فيها محذوف لدلالة قوله : { فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به } وقال آخرون : قوله : { كفروا } جواب لقوله : { ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم } . ولقوله : { ولما جاءهم ما عرفوا } . ونظيره قوله : { فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } فصار قوله : فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون جواباً لقوله : { فإما يأتينكم } ، ولقوله : { فمن تبع هداي } ، ومثله في الكلام قولك ما هو إلا ان جاءني فلان ، فلما ان قعد وسعت له ، فصار قولك : وسعت له جواباً لقولك : ما هو إلا ان جاءني ، ولقولك : فلما ان قعد . وجاء الاول للكتاب وجاء الثاني قيل : إنه للرسول ، فلذلك كرر . وقوله : { فلعنة الله على الكافرين } فقد بينا فيما مضى ، معنى اللعنة ، ومعنى الكفر فلا وجه لاعادته . وقد مضى الجواب عمن يستدل بمثل ذلك على ان الكافر قد يكون عالماً ببعض الاشياء التي اوجبها الله تعالى بخلاف ما يذهب اليه اصحاب الموافاة ، وان من عرف الله فلا يجوز ان يكفر وان المعتمد على ذلك : ان نقول : لا يمتنع ان يكونوا قد عرفوا الله وكثيراً مما وجب عليهم ، لكن لم يكن وقع نظرهم على وجه يستحقون به الثواب ، لأن ذلك هو الممنوع منه ، وقد بينا ايضاً صفة من يتعلق بذلك من اصحاب الضرورات ، لأن غاية ما في ذلك ان القوم كانوا عارفين فجحدوا ما عرفوا ، وليس يمتنع ان يكونوا عارفين استدلالاً ثم جحدوا : فالضرورة لم يجر لها ذكر .