Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 111-115)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وحده { فلا يخف ظلماً } على النهي . الباقون على الخير . قال ابو علي النحوي : قوله { وهو مؤمن } جملة فى موضع الحال والعامل فيها { يعمل } وذو الحال الذكر الذي فى يعمل من { من } ، وموضع الفاء ، وما بعدها من قوله { فلا يخاف } الجزم ، لكونه فى موضع جواب الشرط . والمبتدأ محذوف مراد بعد الفاء ، وتقديره : فهو لا يخاف ، والأمر في ذلك حسن ، لأن تقديره من عمل صالحاً فليأمن ، ولا يخف . والمراد الخبر بأن المؤمن الصالح لا خوف عليه وقوله { وعنت الوجوه } أي خضعت وذلت خضوع الاسير في يد القاهر له ، والعاني الاسير ، ويقال : عنا وجهي لربه يعنو عنواً اي ذل وخضع ومنه : أخذت الشيء عنوة أي غلبة بذل المأخوذ منه ، وقد يكون العنوة عن تسليم وطاعة ، لأنه على طاعة الذليل للعزيز قال الشاعر : @ هل انت مطيعي ايها القلب عنوة ولم تلح نفس لم تلم فى اخيتالها @@ وقال آخر : @ فما اخذوها عنوة عن مودة ولكن بضرب المشرفيّ استقالها @@ و { عنت } ذلت - فى قول ابن عباس ومجاهد وقتادة . و { القيوم } قيل في معناه قولان : احدهما - انه العالم فيما يستقيم به تدبير جميع الخلق ، فعلى هذا لم يزل الله قيوماً والثاني - انه القائم بتدبير الخلق ، وهي مثل صفة حكيم على وجهين . وقال الجبائي : القيوم القائم بأنه دائم لا يبيد ولا يزول . وقال الحسن : هو القائم على كل نفس بما كست حتى يجزيها . ووجه { عنت الوجوه للحي القيوم } انها تدل عليه ، لأن الفعل منه تعالى يدل على انه قادر وكونه قادراً يدل على انه عالم . وقيل : معنى { وعنت الوجوه } هو وضع الجبهة والانف على الارض في السجود - فى قول طلق ابن حبيب وقوله { وقد خاب من حمل ظلماً } أي خسر الثواب من جاء يوم القيامة كافراً ظالماً مستحقاً للعقاب . و { من } فى قوله { من الصالحات } زائدة عند قوم والمراد من يعمل الصالحات . ويحتمل ان تكون للتبعيض ، لان جميع الصالحات لا يمكن احد فعلها ، فأخبر الله تعالى ان من يعمل الاعمال الصالحات ، وهو مؤمن عارف بالله تعالى مصدق بأنبيائه { فلا يخاف ظلماً ولا هضماً } اي لايخاف ظلماً بالزيادة في سيآته ، ولا زيادة فى عقابه الذي يستحقه على معاصيه { ولا هضماً } أي ولا نقصاناً من حسناته ولا من ثوابه - في قول ابن عباس والحسن وقتادة - وقيل { لا يخاف ظلماً } بأن لا يجزى بعمله { ولا هضماً } بالانتقاص من حقه - في قول ابن زيد . فمن قرأ " فلا يخاف " أراد الاخبار بذلك . ومن قرأ " فلا يخف " معناه معنى النهي للمؤمن الذي وصفه عن أن يخاف ظلماً او هضماً . وأصل الهضم النقص ، يقال : هضمني فلان حقى اي نقصني . وامرأة هضيم الحشا أي ضامرة الكشحين بنقصانه عن حد غيره . ومنه هضمت المعدة الطعام اي نقصت مع تغييرها له . وقوله { وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً } أي كما اخبرناك باخبار القيامة أنزلنا عليك يا محمد القرآن { وصرفنا فيه من الوعيد } اي ذكرناه على وجوه مختلفة ، وبيناه بألفاظ مختلفة ، لكي يتقوا معاصيه ويحذروا عقابه { أو يحدث } القرآن { لهم ذكراً } ومعناه ذكراً يعتبرون به . وقيل { ذكراً } اى شرفاً بايمانهم به . ثم قال تعالى { فتعالى الله الملك الحق } اي ذو الحق ، ومعناه ارتفع - معنى صفته - فوق كل شيء سواه ، لأنه اقدر من كل قادر ، واعلم من كل عالم سواه لأن كل قادر عالم سواه يحتاج اليه ، وهو غني عنه . وقوله { ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه } اى لا تسأل إنزاله قبل ان يأتيك وحيه . وقيل : معناه لا تلقه الى الناس قبل ان يأتيك بيان تأويله . وقيل : لا تعجل بتلاوته قبل ان يفرغ جبرائيل من ادائه اليك . وقوله { وقل رب زدني علماً } اي استزد من الله علماً الى علمك . وقال الحسن : كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إذا نزل عليه الوحي عجل بقراءته مخافة نسيانه . وقوله { ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً } قال ابن عباس ومجاهد : معناه عهد الله اليه ، بأن امره به ووصاه به " فنسي " اي ترك . وقيل إنما اخذ الانسان من انه عهد اليه فنسي - في قول ابن عباس - وقوله { ولم نجد له عزماً } اى عقداً ثابتاً . وقال قتادة : يعني صبراً . وقال عطية : اى لم نجد له حفظاً . والعزم الارادة المتقدمة لتوطين النفس على الفعل . وقرأ يعقوب { من قبل أن نقضي } بالنون وكسر الضاد وفتح الياء بعدها { وحيه } بنصب الياء . الباقون { يقضى } بناه لما لم يسم فاعله ورفع الياء في قوله { وحيه } ،