Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 131-135)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ { زهرة } - بفتح الهاء - يعقوب . وقرأ الباقون بسكونها ، وهما لغتان . وقرأ نافع وابو جعفر - من طريق إبن العلاف - وأهل البصرة وحفص { أولم تأتهم } بالتاء . الباقون بالياء . وقد مضى نظائره . نهى الله تعالى نبيه محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) والمراد به جميع المكلفين عن ان يمدوا أعينهم ، وينظروا إلى ما متع الله الكفار به ، من نعيم الدنيا ولذاتها ، والامتاع الالذاذ بما يدرك ، وذلك بما يرى من المناظر الحسنة ويسمع من الاصوات المطربة ، ويشم من الروائح الطيبة ، يقال : أمتعه إمتاعاً ، ومتعه تمتيعاً ، إلا ان فى متعه تكثر الامتاع . وقوله { أزواجاً منهم } معناه أشكالا منهم ، من المزاوجة بين الاشياء ، وهي المشاكلة ، وذلك أنهم اشكال في الذهاب عن الصواب . وقوله { زهرة الحياة الدنيا } فالزهرة الأنوار التي تروق عند الرؤية ، ومن ذلك قيل للكوكب يزهر ، لنوره الذي يظهر . والمعاني الحسنة زهرة النفوس . وقوله { لنفتنهم فيه } معناه لنعاملهم معاملة المختبر ، بشدة التعبد فى العمل بالحق فى هذه الأمور التي خلقناها لهم . وقوله { ورزق ربك } يعني الذي وعدك به فى الآخرة من الثواب { خير وأبقى } مما متعنا به هؤلاء فى الدنيا . وقيل إن هذه الآية نزلت على سبب ، وذلك أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) استسلف من يهودي طعاماً فأبى أن يسلفه إلا برهن ، فحزن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأنزل الله هذه الآية تسلية له . وروى ذلك أبو رافع مولاه . وقيل { زهرة الحياة الدنيا } زينة الحياة الدنيا - فى قول قتادة - . ثم قال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { وأمر } يامحمد { أهلك بالصلاة } وقيل : المراد به أهل بيتك ، واهل دينك ، فدخلوا كلهم في الجملة { واصطبر عليها } بالاستعانة بها على الصبر عن محارم الله . ثم قال له { لا نسألك رزقاً نحن نرزقك } الخطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) والمراد به جميع الخلق ، فان الله تعالى يرزق خلقه ، ولا يسترزقهم ، فيكون أبلغ فى المنة { والعاقبة للتقوى } يعني العاقبة المحمودة لمن اتقى معاصي الله واجتنب محارمه . وفى الآية دلالة على وجوب اللطف ، لما فى ذلك من الحجة ، لمن في المعلوم انه يصلح به ، ولو لم يكن فيه حجة لجرى مجرى أن تقول : لولا فعلت بنا ما لا يحتاج اليه فى الدين ، ولا الدنيا ، من جهة أنه لا حجة فيه ، كما لا حجة فى هذا . وقوله { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله } اخبار منه تعالى أنه لو أهلكهم بعذاب أنزله عليهم جزاء على كفرهم { لقالوا } يوم القيامة { لولا أرسلت } اي هلا ارسلت { إلينا رسولاً } يدعونا الى الله ويأمرنا بتوحيده { فنتبع } ادلتك و { آياتك من قبل أن نذل ونخزى } اي قبل أن نهون ، يقال : خزي يخزى اذا هان وافتضح . وقوله { وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه } حكاية عما قال الكفار للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) هلا ياتينا بآية من ربه يريدون الآية التي يقترحونها ، لأنه اتى بالآيات . ومن قرأ - بالتاء - وجه الخطاب اليه . ومن قرأ - بالياء - حكى بأنهم قالوا فيما بينهم هلا يأتينا بالمعجز . او دلالة تدل على صدق قوله ، فقال الله لهم { أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى } يعني ألسنا بينا ذلك فى الكتب التي انزلناها على موسى وعيسى ، فلم لم يؤمنوا بها ولم يصدقوا بها ؟ ومن قرأ - بالتاء - وجه الخطاب اليه ، فقال الله تعالى لنبيه { قل } لهم يا محمد { كل متربص } اي كل واحد منا ومنكم متربص ، فنحن نتربص بكم وعد الله لنا فيكم وانتم تتربصون بنا ان نموت ، فتستريحوا { فستعلمون } اي سوف تعلمون فيما بعد { من أصحاب الصراط السوي } يعني الصراط المستقيم و ( من ) الذي { اهتدى } الى طريق الحق . و { من } يحتمل ان تكون نصباً إن كانت بمعنى الذي وان تكون رفعاً على طريقة الاستفهام .