Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 126-130)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ الكسائي وابو عمرو عن عاصم { ترضى } بضم التاء . الباقون بفتحها . هذا جواب من الله تعالى لمن يقول { لم حشرتني أعمى ، وقد كنت بصيراً } فيقول الله له فى جواب ذلك كما حشرتك أعمى مثل ذلك { أتتك آياتنا } يعنى أدلتنا وحججنا { فنسيتها } أي تركتها ولم تعتبر بها ، وفعلت معها ما يفعله الناسي الذي لم يذكرها اصلا ، ومثل ذلك اليوم تترك من ثواب الله ورحمته وتحرم من نعمه ، وتصير بمنزلة من قد ترك فى المنسى بعذاب لا يفنى . ثم قال ومثل ذلك { نجزي من أسرف } على نفسه بارتكاب المعاصي ، وترك الواجبات ولم يصدق بآيات ربه وحججه . ثم قال { ولعذاب الآخرة } بالنار { أشد وأبقى } لأنه دائم ، وعذاب القبر وعذاب الدنيا يزول . وهذا يقوي قول من قال : إن قوله { معيشة ضنكاً } أراد به عذاب القبر . ولا يجوز أن يكون المراد بقوله { فنسيتها } النسيان الذي ينافى العلم لأن ذلك من فعل الله لا يعاقب العبد عليه ، اللهم إلا ان يراد ان الوعيد على التعرض لنسيان آيات الله فأجري في الذكر على نسيان الآيات للتحذير من الوقوع فيه . ثم قال تعالى { أولم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم } قيل : ان قريشاً كانت تتجر الى الشام فتمر بمساكن عاد وثمود ، فترى آثار اهلاك الله اياهم ، فنبههم الله بذلك على معرفته وتوحيده . وفاعل { يهد } مضمر يفسره { كم أهلكنا } والمعنى او لم يهد لهم اهلاكنا من قبلهم من القرون . ويجوز أن يكون المضمر المصدر يفسره { كم أهلكنا } وموضع { كم } نصب بـ { أهلكنا } في قول الفراء والزجاج . وقال بعضهم : انه رفع بـ { يهد } وهذا خطأ ، لانه خرج مخرج الاستفهام ، كما يقول القائل : قد تبين لي أقام زيد أم عمرو ؟ . وقوله { إن في ذلك } يعني في اهلاكنا القرون الماضية { لآيات } وحججاً لأولي العقول . والنهى العقول ، على ما بيناه في غير موضع . وقوله { ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً وأجل مسمى } فيه تقديم وتأخير وتقديره : ولولا كلمة سبقت من ربك واجل مسمى لكان لزاماً ومعناه : لولا ما سبق من وعد الله بأن الساعة تقوم في وقت بعينه وان المكلف له اجل مقدر معين ، لكان هلاكهم { لزاماً } أي لازماً ابداً . وقيل : معناه فيصلا يلزم كل انسان طائره ، ان خيراً فخيراً وان شراً ، فشراً ، فالاول قول الزجاج ، والثاني قول أبي عبيدة . وقال قوم : عذاب اللزام كان يوم بدر ، قتل الله فيه الكفار ، ولولا ما قدر الله من آجال الباقين ووعدهم من عذاب الآخرة ، لكان لازماً لهم ابداً في سائر الازمان . وقال قتادة : الاجل الاول يعني في قيام الساعة والثاني الذى كتبه الله للانسان انه يبقيه اليه . ثم قال لنبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) { فاصبر على ما يقولون } من كفرهم بتوحيد الله وجحدهم لنبوتك وأذاهم اياك بكلام يسمعونك يثقل عليك { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس } يعنى صلاة الفجر { وقبل غروبها } يعني صلاة العصر { ومن آناء الليل } يعنى صلاة المغرب والعشاء { وأطراف النهار } صلاة الظهر - في قول قتادة - " وآناء الليل " ساعات الليل . واحدها إني ، قال السعدي : @ حلو ومر كعصف القدح مرته بكل إني حذاه الليل ينتعل @@ وقيل في قوله { وأطراف النهار } لم جمع ؟ ثلاثة اقوال : اولها - انه أراد اطراف كل نهار ، فالنهار في معنى الجمع . الثاني - انه بمنزلة قوله { فقد صغت قلوبكما } الثالث - انه أراد طرف اول النصف الاول ، وآخر النصف الاول ، واول النصف الاخير ، وآخر النصف الاخير ، ولذلك جمع . وقوله { لعلك ترضى } معناه افعل ما امرتك به لكي ترضى بما يعطيك الله من الثواب على ذلك . ومن ضم التاء أراد : لكي نفعل معك من الثواب ما ترضى معه . وقيل : لكي ترضى بالشفاعة . والمعاني متقاربة ، لانه اذا أرضى الله النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فانه يرضى .