Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 96-100)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة والكسائي { ما لم تبصروا } بالتاء . الباقون بالياء المعجمة من اسفل . من قرأ بالتاء حمله على خطابه لجميعهم . ومن قرأ بالياء اراد : بصرت بما لم يبصروا بنو إسرائيل . وقرأ ابن كثير وابو عمرو { لن تخلفه } بكسر اللام . الباقون بفتح اللام . والمعنى : لأن الله يكافيك على ما فعلت يوم القيامة ، لأنه بذلك وعد . يقال : اخلفت موعد فلان إذا لم تف بما وعدته . ومن قرأ - على ما لم يسم فاعله - جعل الخلف من غير المخاطب ، والهاء كناية عن الموعد ، وهو المفعول به ، والفاعل لم يذكر . حكى الله تعالى قول موسى للسامري وسؤاله إياه بقوله { ما خطبك يا سامري } وحكى ما أجاب به السامري ، فانه قال { بصرت بما لم يبصروا به } والمعنى رأيت ما لم يروه . فمن قرأ بالياء اراد ما لم يبصروا هؤلاء . ومن قرأ بالتاء حمله على الخطاب وبصر لا يتعدى ، وإن كانت الرؤية متعدية ، لأن ما كان على وزن ( فعل ) بضم العين لا يتعدى . غير انه وان كان غير متعد ، فانه يتعدى بحرف الجر ، كما عداه - ها هنا - بالباء . وقيل بصرت - ها هنا - بمعنى علمت من البصيرة . يقال : بصر يبصر اذا علم . وابصر ابصاراً اذا رأى . وقوله { فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها } قرأ الحسن بالصاد غير المعجمة . والقراء على القراءة بالضاد المنقطة ، والفرق بينهما ان ( القبضة ) بالضاد بملئ الكف ، وبالصاد غير المعجمة بأطراف الأصابع ، وقيل : انه قبض قبضة من اثر جبرائيل ( ع ) { فنبذتها } فى الحلي على ما اطمعتني نفسي من انقلابه حيواناً . وقال ابن زيد : معنى { سولت لي نفسي } حدثتني . وقيل : معناه زينت لي نفسي . فان قيل : لم جاز إنقلابه حيواناً - مع انه معجز - لغير نبي ؟ ! قلنا : فى ذلك خلاف ، فمنهم من قال : انه كان معلوماً معتاداً فى ذلك الوقت انه من قبض من اثر الرسول قبضة فألقاها على جماد صار حيواناً - ذكره ابو بكر ابن الاخشاذ - فعلى هذا لا يكون خرق عادة بل كان معتاداً . وقال الحسن : صار لحماً ودماً . وقال الجبائي : المعنى سوّلت له نفسه ما لا حقيقة له وانما خار بحيلة : جعلت فيه خروق اذا دخلتها الريح سمع له خوار منه . فقال له موسى عند ذلك { فاذهب } يا سامري { فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس } واختلفوا فى معناه ، فقال قوم : معناه تقول لا أمس ولا أمس ، وكان موسى امر بني إسرائيل ألاّ يؤاكلوه ولا يخالطوه ولا يبايعوه ، فيما ذكر . وقال الجبائي : معناه انه لا مساس لأحد من الناس ، لأنه جعل يهيم فى البرية مع الوحش والسباع . وقوله { لا مساس } بالكسر والفتح ، فان كسرت فمثل لا رجال ، واذا فتحت الميم بنيت على الكسر مثل نزال ، قال رؤبة : @ حتى تقول الأرد لا مساسا @@ وقال الشاعر : @ تميم كرهط السامري وقوله ألا لا يريد السامري مساسا @@ وكله بمعنى المماسة والمخالطة . ثم قال { وإن لك موعداً لن تخلفه } من جهتنا فيمن قرأ بالفتح ، ومن قرأ بالكسر معناه لا تخلفه انت ، وهما متقاربان ، ويريد بالموعد البعث والنشور والجزاء ، اما جنة واما ناراً . ثم قال { أنظر إلى الهك } يعني معبودك عند نفسك أبصره { الذي ظلت عليه عاكفاً } قال ابن عباس : معناه اقمت عليه عاكفاً ، واصله ظللت ، فحذف اللام المكسورة للتخفيف وكراهية التضعيف ، وللعرب فيها مذهبان ، فتح الظاء ، وكسرها ، فمن فتح تركها على حالها ، ومن كسر نقل حركة اللام اليها للاشعار باصلها . ومثله مست ومست في مسست . وهمت وهمت ، فى هممت ، وهل احست في احسست ، قال الشاعر : @ خلا ان العتاق من المطايا أحس به فهن اليه شوس @@ وقوله { لنحرقنه } يعني بالنار يقال : انه حرقه ثم ذراه فى البحر - في قول ابن عباس - يقال حرقته بتشديد الراء اذا حرقته بالنار وحرقته بتخفيف الراء بمعنى بردته بالمبرد ، وذلك لانه يقطع به كما يقطع المحرق بالنار يقال حرقته واحرقته حرقاً ، كما قال الشاعر : @ بذي فرفير يوم بنو حبيب بيوتهم علينا يحرقونا @@ وقال زهير : @ ابى الضيم والنعمان يحرق نابه عليه فأفضى والسيوف معاقله @@ وقرأ ابو جعفر المدني { لنحرقنه } بفتح النون وسكون الحاء وضم الراء بمعنى لنبردنه . وروي ذلك عن علي ( ع ) ، ويقال نسف فلان الطعام بالمنسف اذا ذراه لتطير عنه قشوره . وقال سعيد بن جبير : كان السامري رجلا من اهل كرمان . وقال قوم : كان من بني اسرائيل ، واليه تنسب ( السامرة ) من اليهود . وحكى قوم : ان قبيلته الى اليوم يقولون في كلامهم : لا مساس . ثم اقبل على قومه فقال { إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو } اي ليس لكم معبود الا الله الذي { وسع كل شيء علماً } اي يعلم كل شيء ، لا يخفى عليه شيء منها ، وهي لفظة عجيبة فى الفصاحة . ثم قال تعالى لنبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) مثل ذلك { نقص عليك من أنباء } يعني اخبار { ما قد سبق } وتقدم { وقد آتيناك من لدنا ذكراً } اي اعطيناك من عندنا علماً بأخبار الماضين . وقال الجبائي : اراد آتيناك من عندنا القرآن لأنه سماه ذكراً . ثم قال { من أعرض } عن التصديق بما اخبرناك به وعن توحيد الله ، واخلاص عبادته { فإنه يحمل يوم القيامة وزراً } اي اثماً ، واصل الوزر الثقل ، فى قول مجاهد .