Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 91-95)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ { يا ابن أم } - بفتح الميم - ابن كثير وابو عمرو ، وعاصم في رواية حفص . الباقون - بكسر الميم - من فتح الميم جعل { ابن أم } اسماً واحداً وبناهما على الفتح مثل ( خمسة عشر ) إلا ان ( خمسة عشر ) تضمن معنى الواو ، وتقديره خمسة وعشرة ، و { ابن أم } بمعنى اللام وتقديره : لأمي ، وكلاهما على تقدير الاتصال بالحرف على جهة الحذف ، ويجوز { يا ابن أم } على الاضافة ، ولم يجئ هذا البناء إلا في يا أبن ام ، ويا ابن عم ، لأنه كثر حتى صار يقال للأجنبي ، فلما عدل بمعناه عدل بلفظه ، قال الشاعر : @ رجال ونسوان يودون أنني وإياك نخزى يا ابن عم ونفضح @@ ويحتمل ان يكون ( اراد يابن أماه ) فرخم . ويحتمل ان يكون أراد ( يابن اما ) [ فخفف ، ومن كسر اراد ياين امي ] لأن العرب تقول : يا ابن اما بمعنى يا ابن امي ويا ربا بمعنى يا ربي . فمن كسر اراد : يا ابن امي ، فحذف الياء وابقى الكسرة تدل عليها . حكى الله تعالى ما اجاب به قوم موسى لهارون حين نهاهم عن عبادة العجل وأمرهم باتباعه ، فانهم { قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى } أي لن نزال لازمين لهذا العجل الى أن يعود الينا موسى ، فننظر ما يقول قال الشاعر : @ فما برحت خيل تثوب وتدعي ويلحق منها لاحق وتقطع @@ والعكوف لزوم الشيء مع القصد اليه على مرور الوقت ، ومنه الاعتكاف في المسجد . ثم اخبر تعالى أن موسى لما رجع الى قومه ، قال لهارون { يا هارون ما منعك ألا تتبعني } قال ابن عباس : معناه بمن أقام على إيمانه . وقال إبن جريج : معناه ألا تتبعني في شدة الزجر لهم عن الكفر . ومعنى { ألا تتبعني } ما منعك أن تتبعني و ( لا ) زائدة ، كما { قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك } وقد بينا القول فى ذلك . وإنما جاز ذلك لأنه المفهوم أن المراد ما منعك بدعائه لك الى أن لا تتبعني فدخلت ( لا ) لتنبئ عن هذا المعنى ، وهو منع الداعي دون منع الحائل . وقوله { أفعصيت أمري } صورته صورة الاستفهام ، والمراد به التقرير ، لأن موسى كان يعلم أن هارون لا يعصيه فى أمره ، فقال له هارون فى الجواب { لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي } حين اخذ موسى بلحيته ورأسه . وقيل في وجه ذلك قولان : احدهما - ان عادة ذلك الوقت أن الواحد إذا خاطب غيره قبض على لحيته ، كما يقبض على يده فى عادتنا ، والعادات تختلف ولم يكن ذلك على وجه الاستخفاف . والثاني - انه أجراه مجرى نفسه إذا غضب ، فى القبض على لحيته ، لأنه لم يكن يتهم عليه ، كما لا يتهم على نفسه . وقوله { إني خشيت أن تقول فرّقت بين بني إسرائيل } معناه إني خفت أني إن فعلت ذلك على وجه العنف والاكراه أن يتفرقوا وتختلف كلمتهم ويصيروا أحزاباً ، حزباً يلحقون بموسى وحزباً يقيمون مع السامري على اتباعه ، وحزباً يقيمون على الشك فى أمره . ثم لا يؤمن إذا تركتهم كذلك أن يصيروا بالخلاف الى سفك الدماء ، وشدة التصميم على أمر السامري ، فاعتذر بما مثله يقبل ، لأنه وجه من وجوه الرأي . قوله { ولم ترقب قولي } أي لم تحفظ قولي - في قول ابن عباس - فعدل عن ذلك موسى الى خطاب السامري ، فقال له { ما خطبك يا سامري } أي ما شأنك وما دعاك الى ما صنعت ؟ ! وأصل الخطب : الجليل من الأمر ، فكأنه قيل : ما هذا العظيم الذي دعاك الى ما صنعت .