Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 1-5)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل الكوفة إلا أبا بكر وخلفاً { قال ربي } على وجه الخبر … الباقون { قل ربي } على وجه الامر . هذا اخبار من الله تعالى بأنه { اقترب للناس } يعني دنا وقت { حسابهم } ومعناه دنا وقت اظهار ما للعبد وما عليه ليجازى به وعليه . والحساب اخراج مقدار العدد بعقد يحصل . ويقال : هو إخراج الكمية من مبلغ العدة . وقيل انه دنا لأنه بالاضافة الى ما مضى يسير . وقيل : نزلت الآية فى أهل مكة استبطؤا عذاب الله تكذيباً بالوعيد ، فقتلوا يوم بدر ، والاقتراب قصر مدة الشيء بالاضافة الى ما مضى من زمانه . وحقيقة القرب قلة ما بين الشيئين ، يقال : قرب ما بينهما تقريباً إذا قلل ما بينهما من مدة او مساقة او اي فاصلة ، والقرب قد يكون فى الزمان ، وفى المكان ، وفي الحال . وقد قيل : كل آت قريب ، فلذلك وصف الله تعالى القيامة بالاقتراب ، لأنها جائية بلا خلاف . وقوله { وهم في غفلة معرضون } فالغفلة السهو ، وهو ذهاب المعنى عن النفس ونقيضها اليقظة ، ونقيض السهو الذكر ، وهو حضور المعنى للنفس ، والنسيان ، هو عزوب المعنى عن النفس بعد حضوره . وقوله { معرضون } يعني عن الفكر في ذلك ، والعمل بموجبه . وقيل : هم في غفلة بالاشتغال بالدنيا ، معرضون عن الآخرة . وقيل : هم في غفلة بالضلال ، معرضون عن الهدى . وهو مثل ما قلناه . وقوله { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث } معناه اي شيء من القرآن محدث بتنزيله سورة بعد سورة وآية بعد آية { إلا استمعوه وهم يلعبون } اي كل ما جدد لهم الذكر استمروا على الجهل - في قول الحسن وقتادة - وفي هذه الآية دلالة على ان القرآن محدث ، لأنه تعالى اخبر انه ليس يأتيهم ذكر محدث من ربهم إلا استمعوه وهم لاعبون . والذكر : هو القرآن قال الله تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } وقال { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم } يعني القرآن ، ويقويه في هذه الآية قوله { إلا استمعوه } والاستماع لا يكون إلا في الكلام ، وقد وصفه بأنه محدث ، فيجب القول بحدوثه . ويجوز في { محدث } الجر على انه صفة . ويجوز الرفع والنصب . فالنصب على الحال والرفع على تقدير هو محدث . ولم يقرأ بهما ، وقوله { لاهية قلوبهم } نصب { لاهية } على الحال . وقال قتادة : معناه غافلة . وقال غيره : معناه طالبة للهو ، هازلة . واللهو الهزل الممتع . وقوله { وأسروا النجوى الذين ظلموا } فموضع { الذين ظلموا } من الاعراب يحتمل أن يكون رفعاً على البدل من الضمير في قوله { وأسروا } كما قال تعالى { ثم عموا وصموا كثير منهم } ويجوز ان يكون رفعاً على الاستئناف ، وتقديره وهم الذين ظلموا . ويحتمل وجهاً ثالثاً - أن يكون خفضاً بدلا من الناس . والمعنى ان الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بالله وجحدهم أنبيائه ، وأخفوا القول فيما بنيهم . وقالوا { هل هذا } يعنون رسول الله { إلا بشر مثلكم } . وقال قوم : معناه انهم أظهروا هذا القول لأن لفظة { أسروا } مشتركة بين الاخفاء والاظهار ، والأول أصح . وقوله { أفتأتون السحر } معناه أفتقبلون السحر { وأنتم تبصرون } أي وانتم تعلمون انه سحر . وقيل : معناه أفتعدلون الى الباطل وأنتم تعلمون الحق وتنكرون ثبوته . ثم أمر نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) فقال { قل } يا محمد { ربي } الذي خلقني واصطفاني { يعلم القول في السماء والأرض } لا يخفى عليه شيء من ذلك بل يعلمه جمعيه { وهو السميع العليم } أي هو من يجب أن يسمع المسموعات إذا وجدت عالم بجميع المعلومات وقوله { بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه } فالمعني في { بل } الاضراب بها عما حكى انهم قالوه أولا ، والاخبار عما قالوه ثانياً ، لانهم اولا قالوا : هذا الذي اتانا به من القرآن { أضغاث أحلام } اي تخاليط رؤيا ، رآها فى المنام - في قول قتادة - قال الشاعر : @ كضغث حلم عزمته حالمة @@ ثم قالوا : لا { بل افتراه } اي تخرصه وافتعله . ثم قالوا : { بل هو شاعر } وانما قالوا : هو شاعر ، قول متحير ، قد بهره ما سمع ، فمرة يقول ساحر ، ومرة يقول شاعر . ولا يجزم على أمر واحد . قال المبرد : في { أسروا } اضمار هؤلاء اللاهية قلوبهم ، والذين ظلموا بدلا منه . وقال قوم : قدم علامة الجمع ، لان الواو علامة الجمع ، وليست بضمير ، كقولهم : انطلقوا أخوتك ، وانطلقا صاحباك ، تشبيها بعلامة التأنيث ، نحو : ذهبت جاريتك ، وهذا يجوز ، لكن لا يختار فى القرآن مثله .