Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 6-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى ان الذي ذكرناه انما دللنا به لتعلم ان { الله هو الحق } وانه الواحد الذي لا يستحق العبادة سواه ، ومن اعتقده كذلك ، فمعتقده على ما هو به ، وهو محق ، والحق هو ما كان معتقده على ما أعتقده { وأنه يحيي الموتى } لأن من قدر على انشاء الخلق إبتداء ونقله من حال الى حال على ما وصف ، فانه يقدر على إعادته حياً بعد كونه ميتاً ، ويعلم ايضاً انه قادر على كل ما يصح أن يكون مقدوراً له ، واصل الوصف بالحق من قولهم : حقه يحقه حقاً ، وهو نقيض الباطل . والفرق بين الحق والعدل أن العدل جعل الشيء على قدر ما تدعوا اليه الحكمة ، والحق فى الأصل جعل الشيء لما هو له في ما تدعو اليه الحكمة غير انه نقل الى معنى مستحق لصفات التعظيم ، فالله تعالى لم يزل حقاً أي انه لم يزل مستحقاً لمعنى صفة التعظيم بأنه الاله الواحد الذي هو على كل شيء قدير . ثم اخبر تعالى ان فى جملة الناس من يخاصم { ويجادل في الله } وصفاته { بغير علم } بل للجهل المحض { ولا هدى } أي ولا حجة { ولا كتاب منير } أي ولا حجة كتاب ظاهر ، وهذا يدل ايضاً على ان الجدال بالعلم صواب ، وبغير العلم خطأ ، لأن الجدال بالعلم يدعو إلى اعتقاد الحق ، وبغير العلم يدعو الى الاعتقاد بالباطل ، ولذلك قال تعالى { وجادلهم بالتي هي أحسن } وقوله { ثاني عطفه } نصب على الحال يعني الذي يجادل بغير علم يثني عطفه . قال مجاهد وقتادة : يلوي عنقه كبراً . وقيل انها : نزلت فى النضر بن الحارث ابن كلدة - ذكره ابن عباس - . وقوله { ليضل عن سبيل الله } من فتح الياء ، معناه يفعل هذا ليضل عن طريق الحق المؤدي الى توحيد الله . ومن ضم الياء اراد انه يفعل ذلك ليضل غيره . ثم اخبر تعالى ان من هذه صفته { له في الدنيا خزي } وأنه يذيقه { عذاب الحريق } يوم القيامة أي العذاب الذي يحرق بالنار . ثم قال { ذلك بما قدمت يداك } أي يقول الله تعالى عند نزول العذاب به { ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد } ومعناه إن ما يفعل بالظالم نفسه من عذاب الحريق جزاء على ما كسبت يداه ، فذكر اليدين مبالغة في إضافة الجرم اليه ، وهذا يدل على أن ذكر اليدين قد يكون لتحقيق الاضافة . وقوله { وإن الله } اي ولان الله { ليس بظلام للعبيد } وإنما ذكره بلفظ المبالغة ، وإن كان لا يفعل القليل من الظلم لامرين : احدهما - انه خرج مخرج الجواب للمجبرة ، ورداً عليهم ، لأنهم ينسبون كل ظلم في العالم اليه تعالى ، فبين أنه لو كان ، كما قالوا لكان ظلاماً وليس بظالم . والثاني - أنه لو فعل أقل قليل الظلم لكان عظيماً منه ، لانه يفعله من غير حاجة اليه ، فهو أعظم من كل ظلم فعله فاعله لجاجته اليه .