Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 11-16)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن عامر وابو عمرو ، ورويس ، وورش { ثم ليقطع } ثم { ليقضوا } - بسكون اللام - فيهما ، ووافقهم قنبل فى { ثم ليقضوا } . الباقون بسكون اللام . معنى قوله { ومن الناس من يعبد الله على حرف } أي فى الناس من يوجه عبادته إلى الله على ضعف في العبادة ، كضعف القيام على حرف جرف ، وذلك من اضطرابه فى استيفاء النظر المؤدي الى المعرفة . فأدنى شبهة تعرض له ينقاد لها ، ولا يعمل فى حلها . والحرف والطرف والجانب نظائر . والحرف منتهى الجسم ، ومنه الانحراف الانعدال الى الجانب . وقلم محرف قد عدل بقطعته عن الاستواء إلى جانب ، وتحريف القول هو العدول به عن جهة الاستواء ، فالحرف معتدل الى الجانب عن الوسط . وقال مجاهد : معنى على حرف على شك . وقال الحسن : يعبد الله على حرف يعني المنافق يعبده بلسانه دون قلبه . وقيل على حرف الطريقة لا يدخل فيها على تمكين . وقوله { فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجه } قال ابن عباس : كان بعضهم إذا قدم المدينة فان صح جسمه ونتجت فرسه مهراً حسناً وولدت امرأته غلاماً رضي به واطمأن اليه ، وإن اصابه وجع المدينة ، وولدت امرأته جارية ، وتأخرت عنه الصدقة ، قال ما اصبت منذ كنت على ديني هذا إلا شراً . وكل ذلك من عدم البصيرة . وقيل : انها نزلت في بني أسد كانوا نزلوا حول المدينة . و { الفتنة } - ها هنا - معناه المحنة بضيق المعيشة ، وتعذر المراد من أمور الدنيا . ثم اخبر الله تعالى أن من هذه صفته على خسران ظاهر ، لانه يخسر الجنة ، وتحصل له النار . ثم اخبر عن من ذكره انه { يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه } يعني الاصنام والاوثان ، لانها جماد لا تضر ولا تنفع ، فانه يعبدها دون الله . ثم قال تعالى { ذلك هو الضلال البعيد } يعني عبادة ما لا يضر ولا ينفع من العدول عن الصواب ، والانحراف عن الطريقة المستقيمة الى البعيد عن الاستقامة . و " ذلك " فى موضع نصب بـ { يدعو } ومعناه ( الذي ) كأنه قال : الذي هو الضلال البعيد يدعوه . وقوله { يدعو لمن } مستأنف على ما ذكره الزجاج . وقوله { يدعو لمن ضره أقرب من نفعه } يعني يدعو هذه الاصنام التي ضررها أقرب من نفعها ، لان الضرر بعبادتها عذاب النار ، والنفع ليس فيها . وإنما جاز دخول اللام في { لمن ضره } لأن { يدعو } معلقة ، وإنما هي تكرير للأولى ، كأنه قال : يدعو - للتأكيد - للذي ضره أقرب من نفعه يدعو . ثم حذفت { يدعو } الأخيرة اجتزاء بالأولى . ولا يجوز قياساً على ذلك ضربت لزيد ، ولو قلت بدلا من ذلك يضرب لمن خيره اكثر من شره يضرب ، ثم حذفت الخبر جاز . والعرب تقول عندي لما غيره هو خير منه ، كأنه قال للذي غيره خير منه عندي ، ثم حذف الخبر من الثاني ، والابتداء من الاول ، كأنه قال عندي شيء غيره خير منه وعلى هذا يقال : اعطيك لما غيره خير منه ، على حذف الخبر . وقيل : في خبر ( لمن ضرره ) أنه { لبئس المولى } . وقيل : يدعو بمعنى يقول . والخبر محذوف . وتقديره يقول لمن ضره أقرب من نفعه : هو آلهة ، قال عنترة : @ يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم @@ اي يقولون يا عنتر ، وقيل تقدر اللام التأخر ، وإن كانت متقدمة . والمعنى يدعو من لضره أقرب من نفعه . وقوله { لبئس المولى ولبئس العشير } فالمولى هو الولي ، وهو الناصر الذي يولي غيره نصرته إلا أنها نصرة سوء ، والعشير الصاحب المعاشر أي المخالط - فى قول ابن زيد - وقال الحسن : المولى - ها هنا - الولي . وقيل : ابن العم اي بئس القوم لبني عمهم بما يدعونهم اليه من الضلال . وقيل : اللام لام اليمين ، والتقدير يدعو وعزتي لمن ضره أقرب من نفعه . ثم اخبر تعالى انه { يدخل الذين آمنوا } بالله وأقروا بواحدانيته وصدقوا رسله { وعملوا } الاعمال { الصالحات } التي امرهم بها { جنات } أي بساتين { تجري من تحتها الانهار ان الله يفعل ما يريد } من ذلك لا اعتراض عليه فى ذلك . ثم قال { من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ } فالهاء في قوله { ينصره الله } قال ابن عباس وقتادة : عائدة الى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، والمعنى من كان يظن أن الله لا ينصر نبيه ولا يعينه على عدوه ، ويظهر دينه فليمت غيظاً . والنصرة المعونة - فى قول قتادة - وقال مجاهد والضحاك : أن الكناية عائدة الى ( من ) والمعنى إن من ظن أن لا ينصره الله . وقال ابن عباس : النصرة - ها هنا - الرزق . والمعنى من ظن ان الله تعالى لا يرزقه ، والعرب تقول : من ينصرني نصره الله أي من يعطيني أعطاه الله . وقال الفقعسي : @ وإنك لا تعط امرءاً فوق حظه ولا تملك الشق الذي الغيث ناصره @@ اي معطيه وجايده ، ويقال نصر الله أرض فلان أي جاد عليها بالمطر وقوله { فليمدد بسبب الى السماء ثم ليقطع } قيل في معنى { السماء } قولان : احدهما - قال ابن عباس : اراد سقف البيت . والسبب الحبل . وقال ابن زيد : الى السماء سماء الدنيا والسبب المراد به الوحي الى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) { ثم ليقطع } الوحي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) والمعنى من ظن أنه لا يرزقه الله على وجه السخط لما اعطى { فليمدد } بحبل الى سماء بيته واضعاً له في حلقه ، على طريق كيد نفسه ليذهب غيظه به . وهذا مثل ضربه الله لهذا الجاهل . والمعنى مثله مثل من فعل بنفسه هذا ، فما كان إلا زائداً فى بلائه . وقيل : هذا مثل رجل وعدته وعداً ، ووكدت على نفسك الوعد ، وهو يراجعك . لا يثق بقولك له ، فتقول له : فاهب فاختنق ، يعني اجهد جهدك فلا ينفعك ، وهذه الآية نزلت في قوم من المسلمين نفروا من اتباع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) خيفة من المشركين يخشون أن لا يتم له أمره . وقرأ ابن مسعود { يدعو من ضره أقرب من نفعه } بلا لام . الباقون باثبات اللام ، ووجهه أن ( من ) كلمة لا يبين فيها الاعراب فاستجازوا الاعتراض باللام دون الاسم الذي يبين فيه الاعراب ، ولذلك قالت العرب : عندي لما غيره خير منه . وقد يجوز أن يكون { يدعو } الثانية من صلة الضلال البعيد ، ويضمر في يدعو الهاء . ثم يستأنف الكلام باللام . ولو قرئ بكسر اللام كان قوياً . قال الفراء : كأن يكون المعنى يدعو الى ما ضره أقرب من نفعه ، كما قال تعالى { الحمد لله الذي هدانا لهذا } أي الى هذه إلا انه لم يقرأ به احد . وقوله { وكذلك أنزلناه } اي مثل ما ذكرنا من الادلة الواضحة أنزلناه { آيات } واضحات ، لان { الله يهدي من يريد } منه فعل الطاعات ويدله عليها .