Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 76-78)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما اخبر الله تعالى عن نفسه بأنه { سميع بصير } وصف أيضاً نفسه بأنه { يعلم ما بين أيديهم } يعني ما بين أيدي الخلائق من القيامة وأحوالها ، وما يكون فى مستقبل أحوالهم ، { وما خلفهم } أي ما يخلفونه من دنياهم . وقال الحسن : يعلم ما بين أيديهم : أول اعمالهم ، وما خلفهم آخر أعمالهم { وإليه ترجع الأمور } يعني يوم القيامة ترجع جميع الأمور الى الله تعالى بعد ان كان ملكهم فى دار الدنيا منها شيئاً كثيراً . ثم خاطب تعالى المؤمنين فقال { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } أي صلوا ، على ما امرتكم به ، من الركوع والسجود فيها { واعبدوا ربكم } الذي خلقكم ولا تشركوا به شيئاً { وافعلوا الخير } والخير النفع الذي يجلّ موقعه ، وتعم السلامة به ، ونقيضه الشر ، وقد أمر الله بفعل الخير ، ففعله طاعة له . وقوله { لعلكم تفلحون } أي افعلوا الخير لكي تفوزوا بثواب الجنة وتتخلصوا من عذاب النار . وقيل معناه افعلوه على رجاء الصلاح منكم بالدوام على افعال الخير واجتناب المعاصي والفوز بالثواب . ثم أمرهم بالجهاد فقال { وجاهدوا في الله حق جهاده } قال ابن عباس : معناه جاهدوا المشركين ، ولا تخافوا فى الله لومة لائم ، وقال الضحاك : معناه اعملوا بالحق لله حق العمل . وقوله { هو اجتباكم } فالاجتبا هو اختيار الشيء لما فيه من الصلاح . وقيل : معناه اختاركم لدينه . وجهاد اعدائه ، والحق يجتبى ، والباطل يتقى ، ولا بد أن يكون ذلك خطاباً متوجهاً الى من اختاره الله بفعل الطاعات ، دون أن يكون ارتكب الكبائر الموبقات . وإن كل سبق منه جهاد فى سبيل الله . وقوله { وما جعل عليكم في الدين من حرج } معناه لم يجعل عليكم ضيقاً في دينكم ، ولا ما لا مخرج منه . وذلك أن منه ما يتخلص منه بالتوبة ، ومنه ما يتخلص منه برد المظلمة ، وليس في دين الاسلام ما لا سبيل الى الخلاص من عقابه . وفيه من الدليل كالذي فى قوله { ولو شاء الله لأعنتكم } على فساد مذهب المجبرة في العدل . ومثله قوله { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } وقوله { ملة أبيكم إبراهيم } يحتمل نصب { ملة } وجهين : احدهما - اتبعوا { ملة أبيكم } وإلزموا ، لان قبله { جاهدوا في الله حق جهاده } والاخر - كملة أبيكم إلا انه لما حذف حرف الجر اتصل الاسم بالفعل فنصب . وقال الفراء : نصبه بتقدير : وسع ملتكم ، كما وسع ملة أبيكم . وقوله { ملة أبيكم إبراهيم } معناه انه يرجع جميعهم الى ولادة ابراهيم ، وافاد هذا ان حرمة ابراهيم على المسلمين كحرمة الوالد على الولد ، كما قال { وأزواجه أمهاتهم } في قول الحسن . وقوله { هو سماكم المسلمين } قال ابن عباس ومجاهد : الله سماكم المسلمين ، فهو كناية عن الله . وقال ابن زيد : هو كناية عن ابراهيم وتقديره ابراهيم سماكم المسلمين بدليل قوله