Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 34-35)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ " درّي " مشددة ، بضم الدال من غير همز ، ابن كثير ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم . وقرأ - بكسر الدال والهمز - ابو عمرو ، والكسائي . وقرأ - بضم الدال والهمز - حمزة وعاصم ، فى رواية ابي بكر . وقرأ ابن كثير وابو عمرو " توقد " بفتح التاء والدال . وقرأ - بالياء مخففة مرفوع مضموم الياء - نافع وابن عامر وحفص عن عاصم والكسائي . - وقرأ - بضم التاء والدال مخففة مرفوعة - حمزة ، وابو بكر عن عاصم . فمن قرأ " دري " بكسر الدال ، فهو من ( درأت ) اي رفعت . والكوكب ( دري ) لسرعة رفعه في الانقضاض ، والجمع الدراري ، وهي النجوم التى تجيء وتذهب . وقال قوم : هي احد الخمسة المضيئة : زحل ، والمشتري ، والمريخ ، والزهرة ، وعطارد . ومن قرأ - بضم الدال - نسبه الى الدّر فى صفائه وحسنه . ومن ضم الدال وهمز ، فهو غير معروف عند أهل اللغة ، لانه ليس فى الكلام ( فُعيل ) - ذكره الفراء - وقال ابو عبيدة : وجهه ان يكون - بفتح الدال - كأنه ( فَعيل ) . قال سيبويه : ليس في الكلام ( فعيل ) وانما تكسر الفاء مثل ( سكيت ) . وروى المفضل عن عاصم انه قرأ - بكسر الدال - من غير همز ، ولا مدّ ، ومعناه : انه جار كالنجوم الدراري الجارية مأخوذ من در الوادي إذا جرى ، ووجه قراءة ابن كثير فى { توقد } أنه على ( فعل ) ماض ، وضم الدال ابن محيصن اراد ( تتوقد ) . ومن ضم الياء مثل نافع وابن عامر ، رده على الكوكب . وقال الفراء : رده على المصباح . ومن ضم التاء والدال رده على الزجاجة . اقسم الله تعالى انه انزل { آيات } يعني دلالات { مبينات } يعني مفصلات ، بينهن الله وفصلهن ، فيمن قرأ - بفتح الياء - ومن كسر الياء : معناه ان هذه الآيات والحجج تبين المعاني وتظهر ما بطن فيها . وقوله { ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين } معناه انه انزل اليكم اخبار من كان قبلكم من امم الرسل ، وجعل ذلك عبراً لنا . وقيل لتعتبروا بذلك وتستدلوا به على ما يرضاه الله منكم فتفعلوه وعلى ما يسخطه فتتجنبوه . وقوله { الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة } قيل في معناه قولان : احدهما - ان الله هادي اهل السموات والارض - ذكره ابن عباس - فى رواية ، وأنس . والثاني - انه منِّور السموات والارض بنجومها وشمسها وقمرها - في رواية اخرى - عن ابن عباس ، وقال ابو العالية والحسن مثل ذلك . ثم قال تعالى { مثل نوره كمشكاة فيها مصباح } الهاء في قوله { نوره } قيل إنها تعود على المؤمن ، وتقديره مثل النور الذي في قلبه بهداية الله ، وهو قول ابي ابن كعب والضحاك . وقال ابن عباس : هي عائدة على اسم الله ، ومعناه مثل نور الله الذي يهدي به المؤمن . وقال الحسن : مثل هذا القرآن فى القلب كمشكاة . وقيل : مثل نوره وهو طاعته - في قول ابن عباس - فى رواية : وقيل : مثل نور محمد ( صلى الله عليه وسلم ) . وقال سعيد بن جبير : النور محمد ، كأنه قال مثل محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فالهاء كناية عن الله . والمشكاة الكوة التي لا منفذ لها - في قول ابن عباس وابن جريج - وقيل : هو مثل ضرب لقلب المؤمن ، والمشكاة صدره ، والمصباح القرآن ، والزجاجة قلبه - في قول ابي ابن كعب ، وقال : فهو بين اربع خلال إن أعطي شكر ، وإن ابتلي صبر ، وإن حكم عدل ، وإن قال صدق . وقيل : المشكاة عمود القنديل الذي فيه الفتيلة ، وهو مثل الكوة . وقال كعب الاحبار : المشكاة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) والمصباح قلبه ، شبه صدر النبي بالكوكب الدري . ثم رجع الى المصباح أي قلبه شبهه بالمصباح كأنه في زجاجة و { الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء } اي يتبين للناس ولو لم يتلكم انه نبي . ومن قال { الله نور السماوات } يعني منورها بالشمس والقمر والنجوم ، ينبغي ان يوجه ضرب المثل بالمشكاة على ان ذلك مثل ما فى مقدوره ، ثم تنبث الأنوار الكثيرة عنه . ضرب الله تعالى المثل لنوره الذي هو هدايته فى قلوب المؤمنين بالمشكاة ، وهي الكوة التي لا منفذ لها إذا كان فيها مصباح ، وهو السراج ، ويكون المصباح فى زجاجة ، وتكون الزجاجة مثل الكوكب الدري - فمن ضم الدال - منسوب الى الدر فى صفائه ونوره . ومن كسر الدال شبهها بالكوكب فى سرعة تدفعه بالانقضاض . ثم عاد الى وصف المصباح ، فقال { يوقد من شجرة مباركة زيتونة } اي يشتعل من دهن شجرة مباركة ، وهي الزيتونة الشامية ، قيل لأن زيتون الشام ابرك . وقيل : وصفه بالبركة لان الزيتون يورق من اوله الى آخره . وقوله { لا شرقية ولا غربية } قال ابن عباس - فى رواية - معناه لا شرقية بشروق الشمس عليها فقط ولا غربية بغروبها عليها فقط ، بل هي شرقية غربية تأخذ حظها من الامرين ، فهو اجود لزيتها . وقيل : معناه انها وسط البحر ، روي ذلك عن ابن عباس أيضاً . وقال قتادة : هي ضاحية للشمس ، وقال الحسن : ليست من شجر الدنيا { يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار } اي زيتها من صفائه وحسنه يكاد يضيء من غير ان تمسه نار وتشتعل فيه . وقال ابن عمر الشجرة ابراهيم ( ع ) والزجاجة التي كأنها كوكب دري محمد ( صلى الله عليه وسلم ) . وقوله { نور على نور } قيل : معناه نور الهدى الى توحيده ، على نور الهدى بالبيان الذي اتى به من عنده . وقال زيد بن اسلم { نور على نور } معناه يضيء بعضه بعضاً . وقيل { نور على نور } معناه انه يتقلب فى خمسة انوار ، فكلامه نور ، وعلمه نور ، ومدخله نور ، ومخرجه نور ، ومسيره نور الى النور يوم القيامة الى الجنة . وقال مجاهد : ضوء النار على ضوء النور على ضوء الزيت على ضوء المصباح على ضوء الزجاجة . وقوله { يهدي الله لنوره من يشاء } أي يهدي الله لدينه وإيمانه من يشاء بأن يفعل له لطفاً يختار عنده الايمان إذا علم ان له لطفاً . وقيل : معناه يهدي الله لنبوته من يشاء ، ممن يعلم انه يصلح لها . وقيل : معناه { يهدي الله لنوره } اي يحكم بايمانه لمن يشاء ، ممن آمن به . وقوله { ويضرب الله الأمثال للناس } معناه يضرب الله الامثال للذين يفكرون فيها ويعتبرون بها { والله بكل شيء عليم } لا يخفى عليه خافية .