Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 36-38)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن عامر وابو بكر وابن شاهي عن حفص { يسبح } بفتح الباء . الباقون بكسرها ، فمن فتح الباء ، وقرأ على ما لم يسم فاعله احتلمت قراءته في رفع { رجال } وجهين : احدهما - أن يكون الكلام قد تم عند قوله { والآصال } ثم قال { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } فالتجارة الجلب ، والبيع ما يبيع الانسان على يده . والوجه الثاني - أن يرفع { رجال } باضمار فعل يفسره الأول ، فيكون الكلام تاماً عند قوله { والآصال } ثم يبتدئ { رجال } بتقدير يسبحه رجال . وقال ابو علي : يكون أقام الجار والمجرور مقام الفاعل ، ثم فسر من يسبحه ، فقال { رجال } أي يسبحه رجال ، ومنه قول الشاعر : @ ليبك يزيد ضارع لخصومة @@ كأنه قال ليبك يزيد . قيل من يبكيه ؟ فقال : يبكيه ضارع . وقال المبرد : يجوز ان يكون يسبح نعتاً للبيوت ، وتقديره فى بيوت اذن الله برفها وذكر اسمه ويسبح له فيها رجال لا تلهيهم تجارة . ومن قرأ بكسر الباء - ورفع رجالا بفعلهم ، فعلى هذه القراءة لا يجوز الوقف إلا على { رجال } وعلى الاول على قوله { والآصال } . والآصال جمع أصيل . وقرأ أبو محلم { الاصال } بكسر الالف جعله مصدراً . وقوله { في بيوت أذن الله } قيل فى العامل في ( في ) قولان : احدهما - ( المصابيح ) في بيوت ، والعامل استقرار المصابيح ، وهو قول ابن زيد . والثاني - توقد في بيوت ، وهذه البيوت هي المساجد - فى قول ابن عباس والحسن ومجاهد - وقال عكرمة : هي سائر البيوت وقال الزجاج : يجوز ان تكون ( فى ) متصلة بيسبح ويكون فيها كقولك فى الدار قام زيد فيها . وقوله { أذن الله أن ترفع } قال مجاهد : معناه أذن الله أن تبنى ، وترفع بالبناء ، كما قال { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } وقال الحسن : معناه أن تعظم ، لانها مواضع الصلوات . وقوله { ويذكر فيها اسمه } أي يذكر اسم الله فى هذه البيوت . وقيل تنزه من النجاسات والمعاصي . وقوله { يسبح له فيها بالغدو والآصال } قال ابن عباس : معناه يصلي له فيها بالغداة والعشي ، وهو قول الحسن والضحاك . وقال ابن عباس : كل تسبيح فى القرآن فهو صلاة . وقوله { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } أي لا تشغلهم ولا تصرفهم التجارة والبيع عن ذكر الله وتعظيمه . وروي عن ابي جعفر وابي عبد الله ( ع ) انه تعالى مدح قوماً إذا دخل وقت الصلاة تركوا تجارتهم وبيعهم ، واشتغلوا بالصلاة . وقوله { وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة } أي لا تصرفهم تجارتهم عن ذكر الله ، وعن اقامة الصلاة ، وحذف التاء لان الاضافة عوض عنها ، لانه لا يجوز أن تقول : اقمته إقاماً ، وانما يجوز إقامة ، والهاء عوض عن محذوف ، لان أصله اقوام ، فلما اضافه قامت الاضافة مقام الهاء { وإيتاء الزكاة } أي ولا يصرفهم ذلك عن اعطاء الزكاة التي افترضها الله عليهم . وقال ابن عباس : الزكاة الطاعة لله وقال الحسن : هي الزكاة الواجبة في المال قال الشاعر [ في حذف الهاء والعوض عنها بالاضافة ] : @ إن الخليط اجدّ والبين فانجردوا واخلفوك عدى الأمر الذي وعدوا @@ يريد عدة الأمر فحذف الهاء لما اضاف . وقوله تعالى { يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والابصار } أي يخافون عذاب يوم أو اهوال يوم تتقلب فيه القلوب من عظم اهواله ، والابصار من شدة ما يعاينوه . وقيل تتقلب فيه القلوب ببلوغها الحناجر ، وتقلب الابصار بالعمى بعد النظر وقال البلخي : معناه إن القلوب تنتقل من الشك الذي كانت عليه ، الى اليقين والايمان . وإن الابصار تتقلب عما كانت عليه ، لانها تشاهد من أهوال ذلك اليوم ما لم تعرفه ، ومثله قوله { لقد كنت في غفلة من هذا } الآية . وقال الجبائي : تتقلب القلوب والابصار عن هيئاتها بأنواع العقاب كتقلبها على الجمر . وقوله { ليجزيهم الله أحسن ما عملوا } أي يفعلون ذلك طلبا لمجازات الله إياهم بأحسن ما عملوا من ثواب الجنة ، ويزيدهم على ذلك من فضله وكرمه . ثم اخبر تعالى انه { يرزق } على العمل بطاعته تفضلا منه تعالى { من يشاء بغير حساب } والثواب لا يكون إلا بحساب والتفضل يكون بغير حساب .