Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 62-64)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى ليس المؤمنون على الحقيقة إلا { الذين آمنوا بالله } أي صدقوا بتوحيده وعدله ، وأقروا بصدق رسوله واذا كانوا مع رسوله { على أمر جامع } وهو الذي يقتضي الاجتماع عليه والتعاون فيه : من حضور حرب أو مشورة في أمر ، أو في صلاة جمعة ، وما اشبه ذلك ، لم ينصرفوا عن رسوله او عن ذلك الأمر ، إلا بعد أن يأذن لهم الرسول فى الانصراف متى طلبوا الاذن من قبله . والاستئذان طلب الاذن من الغير . ثم قال تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { إن الذين يستأذنوك } يا محمد ، فهم الذين يصدقون بالله ورسوله على الحقيقة ، دون الذين ينصرفون بلا استئذان . ثم قال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) أيضاً متى ما استأذنوك هؤلاء المؤمنون أن يذهبوا لبعض مهماتهم وحاجاتهم { فأذن لمن شئت منهم } فخيره بين ان يأذن وألا يأذن ، وهكذا حكم الامام . وقوله { واستغفر لهم الله } أي اطلب لهم المغفرة من الله . واستغفار النبي ( صلى الله عليه وسلم ) هو دعاؤه لهم باللطف الذي تقع معه المغفرة { إن الله غفور رحيم } أي ساتر لذنوبهم منعم عليهم . ثم أمر المكلفين فقال تعالى { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً } وقيل في معناه قولان : احدهما - احذروا دعاءه عليكم إذا أسخطتموه ، فان دعاءه موجب ، ليس كدعاء غيره ، ذكره ابن عباس . والثاني - قال مجاهد وقتادة : ادعوه بالخضوع والتعظيم ، وقولوا له : يا رسول الله ، ويا نبي الله ، ولا تقولوا : يا محمد ، كما تقول بعضكم لبعض . وقوله { قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً } معناه إذا تسلل واحد منكم من عند النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فان الله عالم به . وقال الحسن : معنى { لواذاً } فراراً من الجهاد . قال الفراء : كان المنافقون يحضرون مع النبي الجمعة ، فاذا نزلت آية فيها ذم للمنافقين ضجروا ، وطلبوا غره واستتر بعضهم ببعض ، يقال : لاوذت بفلان ملاوذة ، ولواذاً . قال الزجاج : الملاوذة المخالفة ، ولذت به ألوذ لياذاً . ثم حذرهم من مخالفة رسوله بقوله { فليحذر الذين يخالفون عن أمره } وانما دخلت ( عن ) فى قوله { عن أمره } لأن المعنى يعرضون عن أمره . وفى ذلك دلالة على أن أوامر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على الايجاب ، لانها لو لم تكن كذلك لما حذر من مخالفته ، وليس المخالف هو ان يفعل خلاف ما أمره فقط ، لان ذلك ضرب من المخالفة . وقد يكون مخالفاً بألا يفعل ما أمره به . ولو كان الأمر على الندب لجاز تركه ، وفعل خلافه . وقوله { أن تصيبهم فتنة } أي فليحذروا من أن تصيبهم فتنة : أي بلية تظهر ما فى قلوبهم من النفاق . والفتنة شدة فى الدين تخرج ما في الضمير { أو يصيبهم عذاب أليم } فى الآخرة جزاء على خلافهم الرسول . ويجوز أن يكون المراد : ان تصيبهم عقوبة في الدنيا ، أو يصيبهم عذاب مؤلم في الآخرة . وقيل : معناه { أن تصيبهم فتنة } أي قبل أن يصيبهم عذاب فى الآخرة . وقوله { ألا إن لله ما في السماوات والأرض } المعنى ان له ملك ما فى السموات والارض ، والتصرف في جميع ذلك ، ولا يجوز لاحد الاعترض عليه ، ولا يجوز مخالفة أمر رسوله ، ولا يخالف أمره ، لأن الهاء في قوله { عن أمره } يحتمل أن تكون راجعة الى الرسول ويحتمل أن تكون راجعة الى الله ، وقد مضى ذكرهما قبلها . ثم بين انه { يعلم ما أنتم عليه } من الايمان والنفاق ، لا يخفى عليه شيء من احوالكم لا سراً ولا علانية . وقوله { ويوم يرجعون إليه } أي يوم يردون اليه يعني يوم القيامة ، الذي لا يملك فيه احد شيئاً سواه . ومن ضم الياء : أراد يردون . ومن فتحها نسب الرجوع اليهم . وقوله { فينبئهم بما عملوه } أي يعلمهم جميع ما عملوه من الطاعات والمعاصي ويوافيهم عليها . { والله بكل شيء عليم } لا يخفى عليه شيء من ذلك الذي عملوه سراً وجهراً .