Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 61-61)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى انه { ليس على الأعمى حرج } وهو الذي كف بصره { ولا على الأعرج حرج } وهو الذي يعرج من رجليه او احدهما { ولا على المريض حرج } وهو الذي يكون عليلا ، والحرج الضيق في الدين ، مشتق من الحرجة ، وهي الشجر الملتف بعضه ببعض لضيق المسالك فيه . وحرج فلان إذا أثم . وتحرّج من كذا إذا تأثم من فعله . نفى الله الحرج عن هؤلاء لما يقتضيه حالهم من الافات التى بهم مما تضيق على غيرهم . واختلفوا في تأويل ذلك ، فقال الحسن وابن زيد والجبائي : ليس عليهم حرج فى التخلف عن الجهاد ، ويكون قوله { ولا على أنفسكم } كلاماً متسأنفاً . وقال ابن عباس : ليس من مؤاكلتهم حرج ، لانهم كانوا يتحرجون من ذلك . قال الفراء : كانت الانصار تتحرج من ذلك ، لانهم كانوا يقولون : الاعمى لا يبصر فتأكل جيد الطعام دونه ويأكل رديئة . والاعرج لا يتمكن من الجلوس . والمريض يضعف عن المأكل . وقال مجاهد : ليس عليكم في الأكل من بيوت من سمي على جهة حمل قراباتهم إليهم يستتبعونهم في ذلك حرج . وقال الزهري : ليس عليهم حرج في أكلهم من بيوت الغزاة إذا خلفوهم فيه باذنهم . وقيل : كان المخلف فى المنزل المأذون له في الأكل يتحرج ، لئلا يزيد على مقدار المأذون له فيه . وقال الجبائي : الآية منسوخة بقوله { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم الى طعام غير ناظرين إِناه } ويقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) " لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه " والذي روي عن أهل البيت ( ع ) : انه لا بأس بالأكل لهؤلاء من بيوت من ذكرهم الله بغير اذنهم ، قدر حاجتهم من غير اسراف . وقوله { ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم } قال الفراء : لما نزل قوله { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة } ترك الناس مؤاكلة الصغير والكبير ممن أذن الله تعالى فى الأكل معه ، فقال تعالى وليس عليكم فى أنفسكم ، وفي عيالكم حرج أن تأكلوا منهم ومعهم الى قوله { أو صديقكم } أي بيوت صديقكم { أو ما ملكتم مفاتحه } أي بيوت عبيدكم وأموالهم . وقال ابن عباس : معنى ما ملكتم مفاتحه هو الوكيل وما جرى مجراه . وقال مجاهد والضحاك : هو ما ملكه الرجل نفسه في بيته . وواحد المفاتح مفتاح - بكسر الميم - وفي المصدر ( مفتح ) بفتح الميم . وقال قتادة : معنى قوله { أو صديقكم } لانه لا بأس فى الاكل من بيت صديقه بغير اذنه . وقوله { ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً } قيل : يدخل فيه أصحاب الآفات على التغليب للمخاطب كقولهم : انت وزيد قمتما ، ولا يقولون قاما . وقال ابن عباس : معناه لا بأس ان يأكل الغني مع الفقير في بيته . وقال ابن عباس والضحاك : هي فى قوم من العرب كان الرجل منهم يتحرج أن يأكل وحده . وقال ابن جريج : كانوا من كنانة . وقال ابو صالح : كانوا إذا نزل بهم ضيف تحرجوا أن يأكلوا معه ، فأباح الله الاكل منفرداً ومجتمعاً . والاولى حمل ذلك على عمومه ، وانه يجوز الاكل وحداناً وجماعاً . وقوله { فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم } قال الحسن : معناه ليسلم بعضكم على بعض . وقال ابراهيم : اذا دخلت بيتاً ليس فيه أحد فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين . وقال قوم : أراد بالبيوت المساجد . والأولى حمله على عمومه . فاما رد السلام ، فهو واجب على المسلمين . وقال الحسن : يجب الرد على المعاهد ، ولا يقول الراد ورحمة الله . وقوله تعالى { تحية من عند الله مباركة طيبة } يعني هذا السلام تحيون به تحية من عند الله مباركة طيبة ، لما فيها من الأجر الجزيل والثواب العظيم . ثم قال كما يبين الله لكم هذه الأحكام والآداب { كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون } أي يبين الله لكم الأدلة على جميع الاحكام ، وجميع ما يتعبدكم به لتعقلوا ذلك ، وتعملوا بموجبه .