Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 17-20)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وابو جعفر وحفص ويعقوب { ويوم يحشرهم } بالياء . الباقون بالنون . وقرأ ابن عامر { فنقول } بالنون . الباقون بالياء . وقرأ ابو جعفر { أن نتخذ } بضم النون وفتح الخاء . الباقون بفتح النون وكسر الخاء . وقرأ حفص { فما تستطيعون } بالياء . الباقون بالتاء . من قرأ { يحشرهم } بالياء فتقديره : قل يا محمد يوم يحشرهم الله ويحشر الاصنام التي يعبدونها من دون الله . قال قوم : حشر الاصنام افناؤها . وقال آخرون يحشرها كما يحشر سائر الحيوان ليبكت من جعلها آلهة . ومن قرأ بالنون اراد : ان الله المخبر بذلك عن نفسه وابن عامر جعل المعطوف مثل المعطوف عليه فى أنه حمله على انه إخبار من الله . ومن قرأ الأولى بالنون والثانية بالياء عدل من الاخبار عن الله الى الاخبار عن الغائب . يقول الله تعالى { ويوم يحشرهم } يعني هؤلاء الكفار الجاحدين للبعث والنشور ويحشر { ما يعبدون من دون الله } قال مجاهد : يعني عيسى وعزير . وقال قوم : هو كل ما عبدوه من دون الله ليبكتوا بذلك { فيقول } اي فيقول الله لهم { أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء } يعني الكفار أي يقول الله للذين عبدوهم أأنتم الذين دعوتم الكفار الى عبادتكم ، فأجابوكم { أم هم ضلوا السبيل } من قبل نفوسهم عن طريق الحق واخطؤا طريق الصواب ؟ ؟ فيجيب المعبودون بما حكاه الله فيقولون : { سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء } ندعوهم الى عبادتنا . ومن ضم النون أراد : لم يكن لنا ان نتخذ اولياء من دونك ، وضعف هذه القراءة النحويون . فقالوا : لان ( من ) هذه تدخل في الاسم دون الخبر ، نحو ما علمت من رجل راكباً . ولا تقول : ما علمت رجلا من راكب . وقال الزجاج : لا يجوز ذلك كما لا يجوز فى قوله { فما منكم من أحد عنه حاجزين } ما احد عنه منكم من حاجزين . وقال الفراء يجوز ذلك على ضعف ، ووجهه أن يجعل الاسم في { من أولياء } ، وإن كانت وقعت موقع الفعل [ وقوله { ما كان ينبغي لنا } ، { كان } زائدة ، والتقدير : ما ينبغي لنا - ذكره ابو عبيدة - وهذا لا يحتاج اليه ، لان هذا إخبار عنهم يوم القيامة انهم يقولون : { ما كان ينبغي لنا } فى دار الدنيا ان نتخذ اولياء من دونك ] وقوله { ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوماً بوراً } تمام الحكاية عما يقول المعبودون من دون الله ، فانهم يقولون يا ربنا انك متعت هؤلاء الكفار ومتعت آباءهم في نعيم الدنيا { حتى نسوا الذكر } أي ذكرك { وكانوا قوماً بوراً } أي هلكى فاسدين . والبور الفاسد ، ويقال : بارت السلعة تبور بوراً إذا بقيت لا تشترى بقاء الفاسد الذي لا يراد . والبائر الباقي على هذه الصفة . والبور مصدر كالزور ، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث . وقيل هو جمع ( بائر ) قال ابن الزبعري : @ يا رسول المليك إن لساني راتق ما فتقت إذا أنا بور @@ ونعوذ بالله من بوار الاثم . وقوله { فقد كذبوكم بما تقولون } قيل فى معناه قولان : احدهما - كذبكم الملائكة والرسل ، في قول مجاهد . والثاني - قال ابن زيد : أيها المؤمنون كذبكم المشركون بما تقولون : عن نبوة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وغيره من انبياء الله . قال الفراء : من قرأ بالياء معناه كذبوكم بقولهم . وقوله { فما تستطيعون صرفاً ولا نصراً } قال مجاهد : يعني بذلك ، فما يستطيع هؤلاء الكفار صرف العذاب عن انفسهم ، ولا نصر أنفسهم من عذاب الله تعالى . وقيل : معناه فما يستطيعون لك يا محمد صرفاً عن الحق ، ولا نصر أنفسهم من البلاء الذي هم فيه ، من التكذيب لك . وقيل : ما يستطيعون نصراً من بعض لبعض . ومن قرأ - بالتاء - خاطبهم بذلك بتقدير قل لهم . ثم قال تعالى { ومن يظلم منكم } نفسه بارتكاب المعاصي وحجد آيات الله { صرفه } فى مقابلة ذلك جزاء عليه { عذاباً كبيراً } أي عظيماً . ثم خاطب نبيه محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) فقال { وما أرسلنا قبلك } يا محمد { من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام } مثلك { ويمشون في الأسواق } طلبا للمعايش ، كما تطلبها أنت ، وهو جواب لقولهم { ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق } وكسرت ( إن ) في قول { إلا إنهم } لانه موضع ابتداء ، كأنه قال : إلا هم يأكلون الطعام ، كما تقول : ما قدم علينا أمير الا إنه مكرم لي ، ولا يجوز أن تكون مكسورة لأجل اللام ، لأن دخولها وخروجها واحد في هذا الموضع . وقال قوم ( من ) محذوفة والتقدير إلا من انهم ليأكلون الطعام نحو { وما منا إلا له مقام معلوم } اي الا من له مقام معلوم ، ذكره الفراء . وقال الزجاج : هذا لا يجوز ، لان قوله { إنهم ليأكلون الطعام } صلة ( من ) ولا يجوز حذف الموصول وبقاء الصلة ، ومثل الآية قول الشاعر : @ ما أعطياني ولا سألتهما إلا وأني لحاجز كرمي @@ وقوله { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة } قال الحسن : معناه يقول هذا الأعمى : لو شاء لجعلني بصيراً مثل فلان ، ويقول هذا الفقير : لو شاء لجعلني غنياً مثل فلان ويقول هذا السقيم : لو شاء لأصحني مثل فلان . وقوله { وكان ربك بصيراً } أي بصيراً بمن يصبر ممن يجزع ، في قول ابن جريج . وقال الفراء : كان الشريف إذا أراد أن يسلم ، وقد سبق المشروف الى الاسلام ، فيقول : أسلم بعد هذا ؟ ! فكان ذلك فتنة . وقيل { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة } للعداوات التي كانت بينهم في الدين . والفتنة شدة في التعبد تظهر ما في نفس العبد من خير وشر ، وهي الاختبار . وأصله اخلاص الشيء باحراق ما فيه من الفساد من قولهم : فتنت الذهب بالنار إذا أخلصته من الغش باحراقه ، ومنه قوله { يوم هم على النار يفتنون } أي يحرقون إحراق ما يطلب اخلاصه من الفساد . وقوله { أتصبرون وكان ربك بصيراً } معناه اصبروا فقد عرفتم ما وعد الصابرون به من الثواب ، والله بصير بمن يصبر ومن يجزع .