Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 11-16)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى مخبراً عن حال هؤلاء الكفار الذين وصفهم وذكرهم بأنهم كفروا بالله وجحدوا البعث والنشور ، أنهم لم يكفروا لأنك تأكل الطعام وتمشي في الاسواق ، بل لانهم لم يقروا بالبعث والنشور ، والثواب والعقاب ، وهو معنى قوله { بل كذبوا بالساعة } يعني بالقيامة ، وما فيها من الثواب والعقاب . ثم اخبر تعالى انه اعد { لمن كذب بالساعة سعيراً } و { أعتدنا } أصله أعددنا فقلبت احدى الدالين تاء ، لقرب مخرجهما . و { السعير } النار الملتهبة ، يقال : اسعرتها اسعاراً ، واستعرت استعاراً ، وتسعرت تسعراً ، وسعرها الله تسعيراً . والاسعار تهيج النار بشدة الايقاد . ثم وصف تلك النار المستعرة ، فقال { إذا رأتهم من مكان بعيد } ونسب الرؤية الى النار - وانما هم يرونها - لان ذلك أبلغ ، كأنها تراهم رؤية الغضبان الذي يزفر غيظاً ، فهم يرونها على تلك الصفة ، ويسمعون منها تلك الحال الهائلة . و ( التغيظ ) انتفاض الطبع لشدة نفور النفس ، والمعنى صوت التغيظ من التلهب والتوقد . وقال الجبائي : معناه { إذا رأتهم } الملائكة الموكلون بالنار { سمعوا لها } للملائكة { تغيظاً وزفيراً } للحرص على عذابهم . وهذا عدول عن ظاهر الكلام مع حسن ظاهره وبلاغته من غير حاجة داعية ولا دلالة صارفة . وانما شبهت النار بمن له تلك الحال ، وذلك في نهاية البلاغة . وقوله { وإذا القوا } يعني الكفار { منها } يعني من النار { مكاناً ضيقاً } أي فى مكان ضيق { مقرنين } قيل : معناه مغللين ، قد قرنت أعناقهم الى ايديهم فى الاغلال ، كما قال { مقرنين في الأصفاد } وقيل : مقرنين مع الشياطين في السلاسل والاغلال . وقيل يقرن الانسان والشيطان الذي كان يدعوه الى الضلال { دعوا هنالك } يعني في ذلك الموضع ، يدعون { ثبوراً } قال ابن عباس : الثبور الويل ، وقال الضحاك : هو الهلاك . وقيل : أصله الهلاك من قولهم ثبر الرجل إذا هلك ، قال ابن الزبعري . @ إذا جاري الشيطان في سنن الـ ـغي فمن مال ميله مثبور @@ ويقال : ما ثبرك عن هذا الأمر أي ما صرفك عنه صرف المهلك عنه ، فيقولوا : واإنصرفاه عن طاعة الله . وقيل : واهلاكاه . فقال الله تعالى انه يقال لهم عند ذلك { لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً } أي لا تدعوا ويلا واحداً ، بل أدعوا ويلا كثيراً . والمعنى إن ذلك لا ينفعكم سواء دعوتم بالويل قليلا أو كثيراً . ثم قال تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { قل } لهم يا محمد { أذلك خير } يعني ما ذكره من السعير وأوصافه خير { أم جنة الخلد } وانما قال ذلك على وجه التنبيه لهم على تفاوت مابين الحالين . وانما قال { أذلك خير أم جنة الخلد } وليس في النار خير ، لأن المراد بذلك أي المنزلين خير ؟ ! تبكتاً لهم وتقريعاً . وقوله { التي وعد المتقون } أي وعد الله بهذه الجنة من يتقي معاصيه ويخاف عقابه { كانت لهم جزاء ومصيراً } يعني الجنة مكافأة وثواباً على طاعانهم ، ومرجعهم اليها ومستقرهم فيها ، و { لهم فيها ما يشاؤن } ويشتهون من اللذات والمنافع { خالدين } أي مؤبدين لا يفنون فيها { كان على ربك وعداً مسؤلاً } وقيل فى معناه قولان : احدهما - ان المؤمنين يسألون الله عز وجل الرحمة فى قولهم { ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا } وقولهم : { وآتنا ما وعدتنا على رسلك } والثاني - انه بمنزلة قولك : لك ما تمنيت مني أي متى تمنيت شيئاً فهو لك ، فكذلك متى سألوا شيئاً ، فهو لهم بوعد الله ( عز وجل ) اياهم . وقرأ ابن كثير { ضيقاً } بتخفيف الياء . الباقون بالتشديد ، وهما لغتان بالتشديد والتخفيف ، مثل سيد وسيد ، وميت وميت . وقيل : ذلك هو الوعد المسؤل فى دار الدنيا .