Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 41-44)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى حاكياً عن الكفار الذين وصفهم بأنه { إذا رأوك } يا محمد وشاهدوك لا يتخذونك { إلا هزواً } أي سخرياً ، والهزو إظهار خلاف الابطان لاستصغار القدر على وجه اللهو . وانهم ليقولون { أهذا الذي بعث الله رسولاً } متعجبين من ذلك ، ومنكرين له ، لانهم يعتقدون فى الباطن انه ما بعثه الله . وقوله { إن كاد ليضلنا عن آلهتنا } أي قد قارب أن يأخذ بنا في غير جهة عبادة آلهتنا ، على وجه يؤدي الى هلاكنا . والاضلال الأخذ بالشيء الى طريق الهلاك . وقوله { لولا أن صبرنا عليها } أي على عبادتها لأزلنا عن ذلك ، وحذف الجواب لدلالة الكلام عليه . فقال الله تعالى متوعداً لهم { وسوف يعلمون } فيما بعد إذا رأوا العذاب الذي ينزل بهم { من أضل سبيلاً } عن طريق الحق : هم أم غيرهم ؟ ثم قال لنبيه يا محمد { أرأيت من اتخذ إلهه هواه } لأنه ينقاد له ويتبعه في جميع ما يدعوه اليه . وقيل : المعني من جعل إلهه ما يهوى ، وذلك نهاية الجهل ، لان ما يدعو اليه الهوى باطل ، والاله حق يعظم بما لا شيء أعظم منه ، فليس يجوز أن يكون الاله ما يدعو اليه الهوى ، وانما الاله ما يدعوا الى عبادته العقل . ومعنى { أفأنت تكون عليه وكيلاً } أي لا تكون له انت حافظاً من الخروج الى هذا الفساد . قال المبرد : الوكيل أصله واحد ، ويشتمل على فروع ترجع اليه ، فالوكيل من تتكل عليه وتعتمد فى امورك عليه . ثم قال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { أم تحسب } يا محمد وتظن { أن أكثر } هؤلاء الكفار { يسمعون } ما تقول سماع طالب للافهام { أو يعقلون } ما تقوله لهم ؟ بل سماعهم كسماع الانعام ، وهم أضل سبيلا من الانعام ، لأنهم مكنوا من طريق الفهم ، ولم تمكن النعم من ذلك ، وهم مع ذلك لا يعقلون ما تقول ، إذ لو عقلوا عقل الفهم به لدعاهم عقلهم اليه ، لانه نور فى قلب المدرك له . وقيل { بل هم أضل سبيلاً } لانها لا تعتقد بطلان الصواب وإن كانت لا تعرفه ، وهم قد اعتقدوا ضد الصواب الذي هو الجهل . وقيل : كان أحدهم يعبد الحجر ، فاذا رأى أحسن صورة منه ترك الأول وعبد الثاني . وقيل : لان الأنعام تهتدي الى منافعها ومضارها . وهولاء لا يهتدون إلى ما يدعون اليه من طريق الحق ، فهم اضل .