Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 35-40)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أقسم الله تعالى بأنه آتى موسى الكتاب يعني التوراة ، وأنه جعل معه ( أخاه ) هارون وزيراً ، يحمل عنه أثقاله ، وأنه قال لهما وأوحى اليهما وأمرهما بأن يذهبا الى القوم الذين كذبو بآيات الله وجحدوا أدلته ، يعني فرعون وقومه ، وأخبر أنهم لم يقبلوا منهما وجحدوا نبوتهما ، فأهلكهم الله ودمرهم تدميراً ، والتدمير الاهلاك بأمر عجيب ومثله التنكيل ، يقال : دمر على فلان إذا هجم عليه بالمكروه . ثم قال { وقوم نوح } أي اغرقنا قوم نوح لما كذبوا الرسل { أغرقناهم وجعلناهم للناس آية } وعلامة . والتغريق الاهلاك بالماء الغامر ، وقد غرق الله تعالى قوم نوح بالطوفان ، وهو مجيء ماء السماء المنهمر ، وماء الارض الذي فجر الله تعالى عيونها حتى التقى الماء ، أي أتى على أمر على قد قدره الله ، فطبق الارض ولم ينج إلا نوحاً ومن كان معه راكباً فى السفينة ، ويقال : فلان غريق في النعمة تشبيهاً بذلك . وقوله { لما كذبوا الرسل } يعني نوحاً ومن تقدم من الانبياء . وقيل : المعني نوحاً والرسل من الملائكة . وقيل : نوحاً ومن بعده من الرسل ، لأن الانبياء يصدق بعضهم بعضاً فى توحيد الله وخلع الانداد ، فمن كذب بواحد منهم فقد كذب بهم جميعهم ، وقال الحسن : تكذيبهم بنوح تكذيب لسائر الرسل . ثم قال تعالى : إنا مع إهلاكهم العاجل { أعتدنا للظالمين } نفوسهم { عذاباً أليماً } أي مؤلماً موجعاً . وقوله { وعاداً وثمود وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً } معناه وأهلكنا هؤلاء ايضاً ، يقال : ( عاد ) هم القوم الذين بعث الله إليهم هوداً ، و ( ثمود ) هم الذين بعث الله اليهم صالحاً ، واصحاب الرس قال عكرمة : الرس بئر رسوا فيها نبيهم أي ألقوه فيها . وقال قتادة : هي قرية باليمامة ، يقال لها : ( فلج ) وقال ابو عبيدة : الرس كل محفور - في كلام العرب - وهو المعدن ، قال الشاعر : @ سبقت الى فرط ناهل تنابلة يحفرون الرساسا @@ اي المعادن . وقيل : الرس البئر التي لم تطو بحجارة ، ولا غيرها ، يقال : رسه يرسه رساً إذا دسه . وقيل : اصحاب الرس هم اصحاب ( ياسين ) بانطاكية الشام ، ذكره النقاش . وقال الكلبي : هم قوم بعث الله تعالى اليهم نبياً فاكلوه ، وهم اول من عمل نساؤهم السحر . وعن اهل البيت ( ع ) انهم قوم كانت نساؤهم سحاقات . وقوله { وقروناً بين ذلك كثيراً } اي اهلكنا قروناً بين هؤلاء الذين ذكرناهم كثيراً . وقيل : القرن سبعون سنة . وقال ابراهيم : أربعون سنة . وقوله { وكلاً ضربنا له الأمثال } تقديره ودللنا كلاًّ ضربنا له الامثال ، فلما كفروا بها دمرناهم تدميراً { وكلاًّ تبّرنا تتبيراً } اي اهلكنا كلاًّ منهم إهلاكاً . والتتبير تكبير الاهلاك ، والتبر مكسر الزجاج ، ومكسر الذهب . وقوله { ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء } يعني ان هؤلاء الكفار قد جاؤا الى القرية التي اهلكها الله بالمطر السوء { أفلم يكونوا يرونها } فيعتبروا بها . والقرية هي قرية ( سدوم ) قرية قوم لوط ، والمطر السوء الحجارة التي رموا بها - فى قول ابن عباس - ثم قال { بل } رأوها ، وانما لم يعتبروا بها ، لانهم { كانوا لا يرجون نشوراً } اي لا يخافون البعث لاعتقادهم جحده ، قال الهذلي : @ إذا لسعته الدبر لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عوامل @@ فالدبر النحل اي لم يخف . وقيل : ركبوا المعاصي ، لانهم لا يرجون ثواب من عمل خيراً بعد البعث .