Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 47-50)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو " نشراً " بضم النون والشين . وقرأ ابن عامر - بضم النون وسكون الشين - وروى ذلك هارون عن أبي عمرو . وقرأ حمزة والكسائي - بفتح النون وسكون الشين - وقرأ عاصم " بشراً " بالباء وسكون الشين . قال ابو علي النحوي : من ثقل أراد جمع ( نشور ) مثل رسول ورسل ، ومن سكن الشين ، فعلى قول من سكن ( كتب ) في ( كتب ) و ( رسل ) فى ( رسل ) . ومن فتح النون جعله مصدراً واقعاً موقع الحال ، وتقديره يرسل الرياح حياة أي يحيي بها البلاد الميتة . ومن قرأ بالباء أراد جمع ( بشور ) أي تبشر بالغيث من قوله { الرياح مبشرات } يعني بالغيث المحيي للبلاد . وقرأ حمزة والكسائي " ليذكروا " خفيفة الذال . الباقون بتشديدها . من شدد الذال أراد ( ليتذكروا ) فأدغم التاء فى الذال ، وهو الأجود لأن التذكير والتذكر والاذكار فى معنى واحد وهو في معنى الاتعاظ ، وليس الذكر كذلك . وقد حكى أبو علي ان الذكر يكون بمعنى التذكر ، كقوله تعالى { إنها تذكرة فمن شاء ذكره } وقوله { خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه } والاول أكثر . والمعنى ليتفكروا فى قدرة الله ، وموضع نعمته بما أحيا بلادهم به من الغيث . يقول الله تعالى معدداً لنعمه على خلقه منها أنه { جعل لكم الليل لباساً } ومعناه أن ظلمته تلبس كل شخص ، وتغشيه حتى تمنع من ادراكه . وانما جعله كذلك للهدوء فيه والراحة من كد الاعمال ، مع النوم الذي فيه صلاح البدن . وقوله { والنوم سباتاً } أي جعل نومكم ممتداً طويلا تكثر به راحتكم وهدوؤكم . وقيل : انه اراد جعله قاطعاً للاعمال التي يتصرف فيها . والسبات قطع العمل ، ومنه سبت رأسه يسبته سبتاً اذا حلقه ، ومنه يوم السبت ، وهو يوم ينقطع فيه العمل . قال المبرد : يعني سباتاً سكوتاً يقال : أسبت الرجل إذا اخذته سكتة . وقوله { وجعل النهار نشوراً } أي للانبساط والتصرف في الحوائج . والنشور الانبساط في تصرف الحي ، يقال : نشر الميت إذا حيي وانشره الله فنشر ، قال الاعشى : @ حتى يقول الله مما رأوا يا عجبا للميت الناشر @@ ثم قال { وهو الذي أرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته } وفى الرحمة تجمع الرياح ، لانه جمع الجنوب والشمال والصبا . وفي العذاب ( ريح ) لانها هي الدبور وحدها وهي عقيم ، لا تلقح ، فكل الرياح لواقح غيرها . والرحمة التي ينزلها من السماء هي الغيث ، وذكر انه قد يرسل الرياح لينشىء السحاب . ثم ينزل { من السماء ماء طهوراً } أي طاهراً مطهراً مزيلا للاحداث والنجاسات مع طهارته فى نفسه . وانما نزل هذا الماء { ليحيي به بلدة ميتاً } قد مات بالجدب . قال ابو عبيدة : زعم بعضهم انه اراد إذا لم يكن فيها نبات ، فهو بغير ( هاء ) وإذا كانت حية روحانية فماتت ، فهي ميتة . وقال غيره : اراد بالبلدة المكان ، فلذلك قال ميتاً بالتذكير ، ومعنى نسقيه نجعله سقياً للانعام التي خلقها الله تعالى . وقوله { وأناسي كثيراً } جمع إنسان جعلت الياء عوضاً من النون ، وقد قالوا : ( أناسين ) نحو بستان وبساتين . ويجوز أن يكون ( أنسي ) نحو كرسي وكراسي . وقد قالوا : أناسية كثيرة . ثم قال تعالى { ولقد صرفناه بينهم } قيل : معناه قسمناه بينهم يعني المطر قال ابن عباس : ليس من غمام إلا يمطر ، وإنما يصرف من موضع الى موضع . والتصريف تصيير الشيء دائراً فى الجهات . فالمطر يصرف بدوره فى جهات الارض . ثم بين انه صرفه كذلك { ليتذكروا } ويتفكروا ، فيستدلوا على سعة مقدور الله وانه لا يستحق العبادة سواه . ثم اخبر عن حال الكفار ، فقال { فأبى أكثر الناس إلا كفوراً } أي جحوداً لهذه النعم التي عددناها وانكارها . ويقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا .