Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 51-55)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى { لو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً } يخوفهم بالله ويحذرهم من معاصيه . والمعنى : لو شئنا لقسمنا النذر بينهم ، كما قسمنا الأمطار بينهم ، ففي ذلك اخبار عن قدرته على ذلك ، لكن دبرنا على ما اقتضته مصلحتهم ، وما هو أعود عليهم في دينهم ودنياهم . وفيه امتنان على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بأنا { لو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً } فيخف عنك كثير من عبء ما حملته ، لكنا حملناك ثقل أوزار جميع القرى لتستوجب بصبرك عليه إذا صبرت عظيم المنزلة وجزيل الكرامة . والنذير هو الداعي الى ما يؤمن معه الخوف من العقاب ، والانذار الاعلام بموضع المخافة . والنذر عقد البر على انتفاء الخوف ، يقال تناذر القوم تناذراً إذا انذر بعضهم بعضاً . ثم قال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { فلا تطع الكافرين } يا محمد بالاجابة الى ما يريدون { وجاهدهم } في الله { جهاداً كبيراً } شديداً ، والهاء في قوله { به } عائدة الى القرآن - في قول ابن عباس والحسن - وقال الحسن : معنى { فلا تطع الكافرين } لا تطعهم فيما يصرفك عن طاعة الله . وقيل : فلا تطعهم بمعاونتهم فيما يريدونه مما يبعد عن دين الله ، وجاهدهم بترك طاعتهم . ثم عاد تعالى الى تعديد نعمه عليهم فقال { وهو الذي مرج البحرين } ومعناه أرسلهما في مجاريهما ، كما ترسل الخيل فى المرج ، فهما يلتقيان ، فلا يبغي الملح على العذب ولا العذب على الملح ، بقدرة الله . والعذب الفرات : وهو الشديد العذوبة ، والملح الاجاج يعني المر . ثم قال { وجعل بينهما برزخاً } أي حاجزاً يمنع كل واحد منهما من تغيير الآخر { وحجراً محجوراً } معناه يمنع أن يفسد احدهما الآخر . وقال المبرد : شبه الخلط بحجر البيت الحرام . وأصل المرج الخلط ومنه قوله { في أمر مريج } أي مختلط . وفى الحديث : " مرجت عهودهم " أي اختلطت ، وسمي المرج بذلك ، لانه يكون فيه اخلاط من الدواب . ومرجت دابتك إذا ذهبت بتخليتك حيث شاءت قال الراجز : @ رعى بها مرج ربيع ممرجاً @@ و { مرج البحرين } معناه خلا بينهما ، تقول : مرجت الدابة وأمرجتها إذا خليتها ترعى . ثم قال تعالى { وهو الذي خلق من الماء بشراً } يعني من النطفة . وقيل الماء الذي خلق الله منه آدم بشراً أي انساناً ، فجعل ذلك الانسان { نسباً وصهراً } فالنسب ما رجع الى ولادة قريبة ، والصهر خلطة تشبه القرابة . وقيل الصهر المتزوج بنت الرجل او اخته . وقال الفراء : النسب الذي لا يحل نكاحه ، والصهر النسب الذي يحل نكاحه ، كبنات العم ، وبنات الخال ونحوهما . وقيل : النسب سبعة أصناف ذكرهم الله فى { حرمت عليكم أمهاتكم … } الى قوله { وبنات الأخت } . والصهر خمسة أصناف ذكرهم في { أمهاتكم اللاتي أرضعنكم … } الى قوله { وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } ذكره الضحاك . وقوله { وكان ربك قديراً } أي قادراً على جميع ما انعم به عليكم . ثم اخبر عن الكفار فقال { ويعبدون من دون الله } الاصنام والاوثان التي لا تنفعهم ولا تضرهم ، لان العبادة ينبغي أن توجه الى من يملك النفع والضر مطلقاً . ثم قال { وكان الكافر على ربه ظهيراً } قال الحسن ومجاهد وابن زيد : يظاهر الشيطان على معصية الله . وقيل : { ظهيراً } معناه هيناً كالمطرح . والاول هو الوجه . وقيل : معنى { ظهيراً } معيناً . ووصف الاصنام بأنها لا تضرّ ولا تنفع ، يدل على بطلان فعل الطباع ، لانها موات مثلها . والفعل لا يصح إلا من حي قادر .