Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 71-77)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابو عمرو وحمزة والكسائي وخلف وابو بكر إلا حفصاً " وذريتنا " على التوحيد ، الباقون على الجمع . وقرأ اهل الكوفة إلا حفصاً " ويلقون " بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف . الباقون بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف . من وحد " الذرية " فلانه فى معنى الجمع لقوله { ذرية من حملنا مع نوح } ومن جمع فكما تجمع الاسماء الدالة على الجمع ، نحو ( قوم ، واقوام ) وقد يعبر ذلك عن الواحد ، كقوله { هب لي من لدنك ذرية طيبة } ويعبر به عن الجمع كقوله { وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم } ومن جمع فللازدواج . ومن شدد " يلقون " فعلى أن المعنى يلقون التحية والسلام مرة بعد مرة لان التشديد للتكثير ، وشاهده قوله { ولقاهم نضرة وسروراً } ومن خفف أراد يلقون هم تحية ، كما قال { فسوف يلقون غياً } وقال بعضهم : لو كان بالتشديد لقال ( ويتلقون ) لأنهم يقولون تلقيته بالتحية ، و ( لقى ) فعل متعد الى مفعول واحد فاذا ضعفت العين تعدى الى مفعولين ، وقوله { تحية } المفعول الثاني . يقول الله تعالى { ومن تاب } من معاصيه وأقلع عنها ، وندم عليها وأضاف الى ذلك الاعمال الصالحات { فإنه يتوب إلى الله متاباً } أي يرجع اليه مرجعاً عظيماً جميلا ، وفرق الرماني بين التوبة الى الله ، والتوبة من القبيح لقبحه ، بان التوبة الى الله تقتضي طلب الثواب ، وليس كذلك التوبة من القبيح لقبحه . ثم عاد تعالى الى وصف المؤمنين فقال { والذين لا يشهدون الزور } أي لا يحضرونه ، ولا يكون بحيث يذكرونه بشيء من حواسهم الخمس : البصر ، والسمع ، والانف ، والفم ، والبشرة . ومن لا يشهد الزور ، فهو الذي لا يشهد به ولا يحضره لأنه لو شهده لكان قد حضره ، فهو أعم في الفائدة من أن لا يشهد به . و ( الزور ) تمويه الباطل بما يوهم أنه حق . وقال مجاهد : الزور - ها هنا - الكذب . وقال الضحاك : هو الشرك . وقال ابن سييرين : هو أعياد أهل الذمة كالشعانين وغيرها . وقيل : هو الغناء ، ذكره مجاهد . واهل البيت ( ع ) . وقوله { وإذا مروا باللغو مروا كراماً } معناه : مروا من جملة الكرماء الذين لا يرضون باللغو ، لانهم يجلون عن الاختلاط بأهله ، والدخول فيه ، فهذه صفة الكرام ، وقيل : مرورهم كراماً كمرورهم بمن يسبهم فيصفحون عنه ، وكمرورهم بمن يستعين بهم على حق فيعينونه . وقيل : هم الذين إذا أرادوا ذكر الفرج كنّوا عنه . ذكره محمد بن علي ( ع ) ومجاهد . واللغو الفعل الذي لا فائدة فيه . وليس معناه أنه قبيح ، لان فعل الساهي لغو ، وهو ليس بحسن ولا قبيح - عند قوم - ولهذا يقال : الكلمة التي لا تفيد لغو . وقوله { والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً } معناه انهم إذا ذكروا بأدلة الله تعالى التي نصبها لهم نظروا فيها ، وفكروا فى مقتضاها ، ولم يكونوا كالمشركين فى ترك التدبر لها حتى كانهم صم وعميان عنها ، ذكره الحسن ، وقيل معناه يخرون سجداً وبكياً سامعين لله مطيعين . قال الشاعر : @ بايدي رجال لم يشيموا سيوفهم ولم تكثروا القتلى بها حين سلت @@ أي بايدي رجال شاموا سيوفهم ، وقد كثرت القتلى ، ومعنى شاموا أغمدوا ذكره الزجاج . ثم وصف المؤمنين بأنهم يدعون { يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } ومعناه بأن نراهم مطيعين لله ، في قول الحسن . و { قرة أعين } يكون من القر ، وهو بردها عند السرور ، ويكون من استقرارها عنده . وقوله { واجعلنا للمتقين إماماً } أي يسألون الله تعالى أن يجعلهم ممن يقتدى بأفعالهم الطاعات . وفي قراءة اهل البيت ( ع ) و { اجعل لنا من المتقين إماماً } وإنما وحد { إماماً } لانه مصدر ، من قولهم : أم فلان فلاناً إماماً ، كقولهم : قام قياماً وصام صياماً . ومن جمعه فقال : ( أئمة ) فلانه قد كثر في معنى الصفة . وقيل : إنه يجوز أن يكون على الجواب ، كقول القائل : من أميركم ؟ فيقول : هؤلاء أميرنا قال الشاعر : @ يا عاذلاتي لا تردن ملامتي إن العواذل ليس لي بأمير @@ ثم اخبر تعالى عمن جمع هذه الاوصاف من المؤمنين بأن قال { أولئك يجزون الغرفة بما صبروا } على طاعاتهم التي ذكرها . و ( الغرفة ) فى الجنة المنازل العالية ثواباً على ما صبروا في جنب الله ، وعلى مشاق الدنيا وصعوبة التكليف ، وغير ذلك وانهم { يلقون فيها تحية وسلاماً } من الملائكة ، بشارة لهم بعظيم الثواب . وقوله { خالدين فيها } نصب على الحال أي هم فى الجنة مؤبدين ، لا يخرجون منها ولا يفنون . وأخبر أن الجنة مستقرهم ، وانها { حسنت مستقراً } من مواضع القرار ، وموضع الاقامة ونصب على التمييز . ثم قال لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) { قل } يا محمد لهؤلاء { ما يعبؤ بكم ربي } ومعناه ما يصنع بكم ربي - فى قول مجاهد وابن زيد - واصله تهيئة الشيء ، ومنه عبأت الطيب أعبؤه عباء ، إذا هيأته ، قال الشاعر : @ كأن بنحره وبمنكبيه عبيراً بات يعبؤه عروس @@ أي تهيئه ، وعبأت الجيش - بالتشديد ، والتخفيف - إذا هيأته . والعبء الثقل . وما أعبأ به أي لا أهيّء به امراً . وقال قوم : ما لا يعبأ به ، فوجوده وعدمه سواء . وقوله { لولا دعاؤكم } قال مجاهد : معناه لولا دعاؤه إياكم الى طاعته ، لم يكن في فعلكم ما تطالبون به ، وهو مصدر أضيف الى المفعول ، كقولهم : اعجبني بناء هذه الدار ، وخياطة هذا الثوب . وقال الزجاج : معناه لولا توحيدكم وايمانكم ، وقال البلخي : معناه لولا كفركم وشرككم ما يعبأ بعذابكم ، وحذف العذاب وأقام المضاف اليه مقامه . ثم قال { فقد كذبتم } يا معاشر الكفار بآيات الله ، وجحدتم رسوله { فسوف يكون لزاماً } عليكم ، ويكون تأويله ، فسوف يكون تكذيبكم ( لزاماً ) فلا تعطون الثواب عليه ، وتكون العقوبة لزاماً تلزمكم على ذلك . وقال مجاهد : معناه القتل يوم بدر ويكون الخطاب متوجهاً الى الذين قتلوا يوم بدر . وقيل ( اللزام ) عذاب الآخرة ، وقال ابو ذؤيب - فى اللزام : @ ففاجأه بعادية لزاماً كما يتفجر الحوض اللقيف @@ لزام : كثيرة يلزم بعضها بعضاً ، ولقيف متساقط متهدم ، وقال صخر الغي - فى اللزام : @ فاما ينجوا من حتف ارض فقد لقيا حتوفهما لزاماً @@ أي انه واقع لا محالة . وقال الضحاك : هو لزوم الحجة لهم فى الآخرة . وقال ابو عبيدة : معناه فيصلا . وقوله { أولئك يجزون الغرفة } قال الزجاج : الأحسن أن يكون خبراً لـ { وعباد الرحمن } فيكون قوله { الذين يمشون على الأرض هوناً } وما بعده صفة له ويجوز أن يكون { الذين يمشون على الأرض هوناً } خبر ، وما بعده عطف عليه