Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 66-70)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ أهل المدينة وابن عامر والكسائي عن أبي بكر { يقتروا } بضم الياء وكسر التاء ، وقرأ اهل البصرة وابن كثير بفتح الياء وكسر التاء . الباقون بفتح الياء وضم التاء ، وهم أهل الكوفة إلا الكسائي عن أبي بكر . وقرأ ابن عامر ، وأبو بكر " يضاعف … ويخلد " بالرفع فيهما . وقرأ ابن كثير وابن عامر وابو جعفر ويعقوب " يضعف " بتشديد العين وإسقاط الالف . الباقون " يضاعف " باثبات الألف وتخفيف العين . تقول : قتر يقتر ويقتر - بكسر التاء ، وضمها - لغتان . وأقتر إقتاراً لغة . واختلفوا في ( السرف ) في النفقة ، فقال قوم : كلما أنفق في غير طاعة الله ، فهو سرف ، لقوله تعالى { إن المبذّرين كانوا إخوان الشياطين } وقال علي ( ع ) : ليس فى المأكول والمشروب سرف وإن كثر . وقال قوم : الاسراف فى الحلال فقط ، لأن الحرام لا يجوز الانفاق فيه ولو ذرة . ومن قرأ { يضاعف } فمن المضاعفة . ومن شدد ، فمن التضعيف ذهب الى التكثير ، والمعنيان متقاربان . ومن - جزم - جعله بدلا من جواب الشرط ، لان الشرط قوله { ومن يفعل ذلك } وجزاءه { يلق أثاماً } وعلامة الجزم سقوط الالف من آخره . و { يضاعف } بدل منه و { يخلد } عطف عليه . ومن - رفع - استأنف لان الشرط والجزاء قد تم . وكان يجوز النصب على الظرف - فى مذهب الكوفيين . وباضمار ( ان ) على مذهب البصريين - ولم يقرأ به احد . لما اخبر الله تعالى أن عذاب جهنم كان غراماً ، بين بأنها { ساءت مستقراً ومقاماً } أي موضع قرار واقامة لما فيها من أنواع العذاب ، ونصبها على التمييز . ثم عاد الى وصف المؤمنين فقال { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا } أي لم يخرجوا عن العدل في الانفاق يقال : فلان مسرف على نفسه إذا أكثر من الحمل على نفسه فى المعصية ، فشبه بالمسرف في النفقة { ولم يقتروا } أي لم يقصروا عن العدل في الانفاق ، وهو مأخوذ من القترة ، وهي الدخان . والاقتار مشبه به فى الامحاق والاضرار . وفيه ثلاث لغات : قتر يقتر ، ويقتر ، وأقتر إقتاراً . وقال ابو علي الفارسي : من قرأ { يقتروا } بضم التاء أراد لم يقتروا فى إنفاقهم ، لان المسرف مشرف على الافتقار ، لسرفه ، ومن فتح التاء أراد لم يضيقوا فى الانفاق ، فيقصروا عن المتوسطين ، فمن كان فى هذا الطرف ، فهو مذموم ، كما أن من جاوز الاقتصاد كان كذلك مذموم . وبين ذلك بقوله { وكان بين ذلك قواماً } أي كان إنفاقهم بين ذلك ، لا إسرافاً يدخل فى حد التبذير ، ولا تضييقاً يصير به فى حد المانع لما يجب . وقال ابن عباس : الاسراف الانفاق فى معصية الله ، قل او كثر ، والاقتار منع حق الله من المال . وقال ابراهيم : السرف مجاوزة الحد في النفقة ، والاقتار التقصير فيما لا بد منه . والقوام - بفتح القاف - العدل ، - وبكسرها - السداد ، يقال : هو قوام الأمر وملاكه ، ويقال : هي حسنة القوام في اعتدالها ، قال الحطيئة : @ طافت امامة بالركبان آونة يا حسنها من قوام زان منتقباً @@ ثم زاد فى وصفهم بأن قال { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر } يوجهون عبادتهم اليه { ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق } والنفس المحرمة هي نفس المسلم والمعاهد والمستثنى نفس الحربي ، ومن يجب عليه القتل على وجه القود ، والارتداد ، والزنا مع الاحصان { ولا يزنون } فالزنا هو الفجور بالمرأة فى الفرج . ثم قال { ومن يفعل ذلك يلق أثاماً } قال قوم : يلقى جزاء الاثام . وقال آخرون : الاثام العقاب ، قال بلعا بن قيس الكناني . @ جزى الله ابن عروة حيث أمسى عقوقا والعقوق له أثام @@ أي عقاب ، وقال ابن عمر ، وقتادة : هو اسم واد فى جهنم ، وهو قول مجاهد وعكرمة . وقال اهل الوعيد : ان قوله { ومن يفعل ذلك } راجع الى كل واحد من المعاصي المذكورة . وقال اهل الارجاء انما يرجع الى جميعه ، ويجوز - أن يكون راجعاً - الى الكفر وحده ، لان الفسوق لا يستحق به العقاب الدائم والا لأدى الى اجتماع الاستحقاقين على وجه الدوام . وذلك خلاف الاجماع ، لان الاحباط عندهم باطل ، والكلام على ذلك استوفيناه فى كتاب الاصول . ثم زاد في الوعيد ، فقال { ومن يفعل ذلك يلق } جزاء اثامه ويضاعف له العذاب في كثرة الاجزاء لا انه يضاعف استحقاقه ، لان الله تعالى لا يعاقب باكثر من المستحق ، لأن ذلك ظلم يتعالى الله عن ذلك . وقيل يضاعف عذابه على عذاب الدنيا ، وبين تعالى أنه { يخلد } مع ذلك فى النار { مهاناً } مستخفاً به . ثم استثنى من جملتهم من تاب وندم على معاصيه ، وعمل عملا صالحاً ، فان الله تعالى { يبدل سيآته حسنات } أي يجعل مكان عقاب سيآته ثواب حسناته قال الشاعر في التبديل : @ بدلن بعد خرّه صريعاً وبعد طول النفس الوجيعاً @@ وقوله تعالى { وكان الله غفوراً رحيماً } أي ساتراً لمعاصي عباده اذا تابوا منها ، منعماً عليهم بالثواب والتفضل .