Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 221-227)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما اخبر الله تعالى أن القرآن ليس مما تنزل به الشياطين ، وأنه وحي من الله تعالى على نبيه ، نبه خلقه على من تنزل الشياطين عليه بقوله { هل أنبئكم } أي هل أخبركم { على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم } أي كذاب أثيم ، وقال مجاهد : الأفاك الكذاب . ومعناه الكثير الكذب ، والقلب للخبر من جهة الصدق إلى الكذب ، وأصله الانقلاب من المؤتفكات وهي المنقلبات . والانباء الاخبار بما فيه من الغيوب وعظم الشأن ، ومنه قولهم : لهذا الامر نبأ ومنه اشتق وصف الرسول بأنه نبي بعظم شأن ما اتى به من الوحي من الله . والآثم الفاعل للقبيح : أثم يأثم إثماً إذا ارتكب القبيح ، وتأثم إذا ترك الاثم مثل تحوب إذا ترك الحوب ، وأثمه تأثيماً إذا نسبه إلى الاثم ، ثم قال { يلقون السمع } أي يلقون ما يسمعون باستراق السمع إلى كل افاك أيثم - في قول مجاهد - ثم اخبر تعالى أن اكثرهم كاذبون فيما يلقونه اليهم . وقوله { والشعراء يتبعهم الغاون } قال الحسن : هم الذين يسترقون السمع ويلقونه إلى الكهنة ، وقال إنما يأخذون أخباراً عن الوحي { إنهم عن السمع لمعزولون } أي عن سمع الوحي . وقيل : ان الشعراء المراد به القصاص الذين يكذبون في قصصهم ويقولون ما يخطر ببالهم . وقوله { ألم تر انهم في كل واد يهيمون } أي هم لما يغلب عليهم من الهوى كالهائم على وجهه في كل واد يعن له ، وليس هذا من صفة من عليه السكينة والوقار ومن هو موصوف بالحلم والعقل . والمعنى أنهم يخوضون في كل فن من الكلام والمعاني التي يعن لهم ويريدونه . وقال ابن عباس وقتادة : معناه في كل لغو يخوضون : يمدحون ويذمون ، يعنون الباطل . وقال الجبائي : معناه يصغون إلى ما يلقيه الشيطان اليهم على جهة الوسوسة لما يدعوهم اليه من الكفر والضلال . وقيل : انما صار الأغلب على الشعراء الغي باتباع الهوى ، لان الذي يتلو الشعر - في الاكثر - العشاق ولذلك يقبح التشبيب . مع أن الشاعر يمدح للصلة ويهجو على جهة الحمية فيدعوه ذلك إلى الكذب ، ووصف الانسان بما ليس فيه من الفضائل والرذائل . وقرأ نافع { يتبعهم } بتخفيف التاء من تبعه إذا اقتفى أثره ، يقال تبع فلاناً اذا سار في أثره واتبعه لحقه . الباقون : بالتشديد من الاتباع ، ومعناهما واحد . والآية قيل نزلت في الشعراء الذين هجوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والمؤمنين ، وهي تتناول كل شاعر يكذب في شعره - ذكره الفراء - وقيل : انها نزلت في ابن الزبعري وأمثاله . ثم اخبر ان هؤلاء الشعراء يقولون ويحثون على اشياء لا يفعلونها هم ، وينهون عن أشياء يرتكبونها ، ثم استثنى من جملتهم الذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً ، فأجتنبوا معاصيه ، وانتصروا - لنفوسهم في الدين - من الذين ظلموهم . وقيل : أراد الشعراء الذين ردوا على المشركين هجاءهم للمؤمنين ، فانتصروا بذلك للنبي والمؤمنين ، ثم هدد الظالمين ، فقال { وسيعلم الذين ظلموا } نفوسهم { أي منقلب ينقلبون } أي أي منصرف ينصرفون اليه لأن منصرفهم إلى النار ، نعوذ بالله منها . وقيل أراد الذين ظلموا نفوسهم بقول الشعر الباطل من هجو النبي والمؤمنين ، ومن يكذب في شعره . وقوله { أي منقلب ينقلبون } نصب ( أي ) بـ ( ينقلبون ) ولا يجوز أن ان يكون منصوباً بـ ( سيعلم ) ، لأن أياً لا يعمل فيها ما قبلها ، لأن الاستفام له صدر الكلام حتى ينفصل من الخبر بذلك .