Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 96-104)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى مخبراً عن هؤلاء الكفار أنهم إذا حصلوا في الجحيم { يختصمون } والاختصام منازعة كل واحد منهم صاحبه بما فيه إنكار عليه واغلاظ له : يقال : اختصما في الامر اختصاماً . وتخاصما تخاصماً ، وخاصمه مخاصمة . ويقول بعضهم لبعض { تالله إن كنا لفي ضلال مبين } قال الزجاج : معناه ما كنا الا في ضلال مبين . وقال غيره : اللام لام الابتداء التي تدخل في خبر { ان } و { ان } هذه في الخفيفة من الثقيلة ، ويلزمها اللام في خبرها ، فرقاً بينها ، وبين { ان } التي للجحد ، وتقديره تالله ان كنا لفي ضلال مبين في الحال التي سويناكم - يخاطبون كل معبود من دون الله - { برب العالمين } الذي خلق الخلق ، في توجيه العبادة اليكم . والتسوية اعطاء أحد الشيئين مثل ما يعطى الآخر ، ومثله المعادلة والموازنة . والمراد - ها هنا - الشركة في العبادة . ثم قال { وما أضلنا إلا المجرمون } بأن دعونا إلى الضلال فتبعناهم ، وقبلنا منهم . ثم يقولون { فما لنا من شافعين ولا صديق حميم } أي لو كان لنا شفيع لسأل في أمرنا او صديق لدفع عنا ، فقد آيس الكفار من شافع ، وانما يقولون ذلك اذا رأوا جماعة من فساق أهل الملة يشفع فيهم ، ويسقط عنهم العقاب ويخرجون من النار ، يتلهفون على مثل ذلك ، ويتحسرون عليه . والصديق هو الصاحب الذي يصدق المودة وصدق المودة اخلاصها من شائب الفساد . و ( الحميم ) القريب الذي يحمى بغضب صاحبه ، والحميم هو الحامي ، ومنه الحمى . وأحم الله ذلك من لقائه : أي ادناه ، بمعنى جعله كالذي بلغ بنصحه إياه ، وحم كذا أي قدر . ثم اخبر تعالى أنهم يتمنون فيقولون { فلو أن لنا كرة } أي رجعة إلى دار التكليف { فنكون من المؤمنين } وانما جاز التمني بـ ( لو ) ، لانه التقدير ، كما أن التمني بـ ( ليت ) مثل ذلك لتقدير المعنى ، إلا أن التقدير بـ ( لو ) لموجب غيره والتقدير بـ ( ليت ) للامتناع بالمقدر ، وانما جاز جواب التمني ، لان المعنى متصور بالتمني غير انه اذا كان بالفاء ، فهو نصب ، فلذلك نصب ( فنكون ) لأن الفاء اذا صرفت عن العطف أضمر معها ( ان ) للاشعار بالصرف . ثم قال تعالى { إن في ذلك لآية } أي ان فيما قصصناه ، وذكرناه لدلالة لمن نظر فيها واعتبر بها ، لكن اكثرهم لا يعتبرون بها ، ولا يؤمنون بها ، وأخبر { إن ربك } يا محمد { لهو العزيز الرحيم } وإنما جمع بين الصفتين : العزيز والرحيم ، ليرغب في طلب ما عند الله أتم الترغيب من حيث هو عظيم الرحمة واسع المقدور ، منيع من معاجزة غيره . وقيل في وجه اخبارهم بأنهم يكونون مؤمنين لو ردوا إلى دار التكليف قولان : احدهما - انهم يخبرون عن عزمهم ، لان الله تعالى قد أخبر عنهم أنهم { لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } ولا يجوز - ان يكونوا مع رفع التكليف وكمال عقولهم وحصول المعارف الضرورية - ان يكذبوا ، لانهم ملجؤن إلى ترك القبيح بأن يخلق الله فيهم العلم الضروري ، انهم لو راموا القبيح لمنعوا من ذلك ، ولولا ذلك لكانوا مغزين بالقبيح وذلك لا يجوز . والثاني - ان يكون ذلك القول منهم قبل دخولهم النار ، وقبل ان يصيروا ملجئين . والاول أقوى .