Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 1-5)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
خمس آيات كوفي وأربع فيما عداه عدوا { الم } آية . ولم يعده الباقون . قال قتادة : نزلت في أناس من أهل مكة خرجوا للهجرة فعرض لهم المشركون ، فرجعوا ، فنزلت الآية فيهم ، فلما سمعوها خرجوا ، فقتل منهم من قتل وخلص من خلص ، فنزلت فيهم { والذين جاهدوا فينا } وقيل : نزلت في عمار ، ومن كان بقرب مكة - ذكره ابن عمر - وقيل : نزلت في قوم أسلموا قبل فرض الجهاد والزكاة ، فلما فرضا منعا ، فنزلت الآية فيهم . قد بينا في غير موضع اختلاف الناس في ابتداء السور بحروف الهجاء وذكرنا أن أقوى الأقوال قول من قال : إنها اسماء للسور . وقال قوم : إنها اسماء للقرآن . وقوله { الم أحسب الناس أن يتركوا } اختلف الناس في { الم } وقد ذكرناه فيما مضى . وقوله { أحسب الناس أن يتركوا } خطاب من الله لخلقه على وجه التوبيخ لهم بأن قال أيظن الناس أن يتركهم الله إذا قالوا آمنا أي صدقنا ونقتصر منهم على هذا القدر ، والحسبان والظن واحد . وقوله { أحسب } معناه التوهم والتخيل . وقيل : الحسبان مشتق من الحساب ، لأنه في حساب ما يعمل عليه . ومنه الحسيب ، لانه في حساب ما يختبي ، و { هم لا يفتنون } أي أيظنون أنهم لا يختبرون إذا قالوا آمنا ؟ ! . والمعنى انهم يعاملون معاملة المختبر لتظهر الافعال التي يستحق عليها الجزاء . وقيل : في معنى { أن يقولوا آمنا } قولان : احدهما - يتركوا لأن يقولوا . الثاني - أحسبوا أن يقولوا على البدل وقال مجاهد : معنى { يفتنون } يبتلون في أنفسهم واموالهم . وقيل : معنى يفتنون يصابون بشدائد الدنيا أي ان ذلك لا يجب أن يرفع في الدنيا لقولهم آمنا . وقال ابن عمر : أظنوا ان لا يؤمروا ولا ينهوا . وقال الربيع : ألا يؤذوا ولا يقتلوا ؟ ! ثم اقسم تعالى انه فتن الذين من قبلهم { فليعلمن الله الذين صدقوا } في ايمانهم { وليعلمن الكاذبين } فيه . وانما قال { فليعلمن } مع أنه للاستقبال والله تعالى عليم فيما لم يزل ، لحدوث المعلوم فلا تصح الصفة إلا على معنى المستقبل إذ لا يصلح ولا يصح لم يزل عالماً بأنه حادث ، لانعقاد معنى الصفة بالحادث ، وهو إذا حدث علمه تعالى حادثاً بنفسه . وقيل : معنى { وليعلمن الله الذين صدقوا } ليجازيهم بما يعلم منهم . وقيل : معناه يعلم الله الذين صدقوا في أفعالهم ، كما قال الشاعر : @ [ ليث بعثر يصطاد الرجال ] إذا ما الليث كذب عن أقرانه صدقا @@ وقال ابن شجرة { فليعلمن الله } معناه فليظهرن الله لرسوله صدق الصادق . وقال النقاش : معناه فليميزن الله الصادقين من الكاذبين . وهو قول الجبائي . ثم قال تعالى ممدداً لخلقه { أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا } اي أيظن الذين يفعلون القبائح والمعاصي ان يفوتونا ؟ ! كما يفوت السابق لغيره . ثم قال { ساء ما يحكمون } اي بئس الشيء الذي يحكمون بظنهم . انهم يفوتونا . ثم قال { من كان يرجوا لقاء الله } أي من كان يأمل لقاء ثواب الله . وقال سعيد بن جبير والسدي : معناه من كان يخاف عقاب الله ، كما قال الشاعر : @ إذا لسعته النحل لم يرج لسعها @@ أي لم يخف فـ { من } رفع بالابتداء ، وخبرها { كان } وجواب الجزاء ، كقولك زيد إن كان في الدار فقد صدق الوعد . وقوله { فإن أجل الله لآت } أي الوقت الذي وقته الله للثواب والعقاب آت لا محالة والله { هو السميع } لاقوالكم { العليم } بما تضمرونه في نفوسكم ، فيجازيكم بحسب ذلك .