Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 6-10)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى { ومن جاهد } أي من جاهد نفسه بأن يصبر على ما أمره الله به ، ويعمل بسنته ، ومنه الجهاد ، وهو الصبر في الحرب على ما جاء به الشرع { فإنما يجاهد لنفسه } لان ثواب صبره عائد عليه وواصل اليه دون الله تعالى ، لانه تعالى غني عن جميع الخلائق غير محتاج إلى طاعاتهم ، ولا غير ذلك . ثم قال تعالى { والذين آمنوا } أي صدقوا بوحدانيته واقروا بنبوة نبيه ، واعترفوا بما جاء به من عند الله { لنكفرن عنهم سيئاتهم } التي اقترفوها قبل ذلك . ومن قال بالاحباط قال : تبطل السيئة الحسنة التي هي أكبر منها حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل ، كما قال { إن الحسنات يذهبن السيئات } والاحباط هو ابطال الحسنة بالسيئة التي هي اكبر منها . والسيئة الخصلة التي يسوء صاحبها عاقبتها . والحسنة الخصلة التي يسر صاحبها عاقبتها . وكل حسنة طاعة لله ، وكل سيئة هي معصية له تعالى . وقوله { لنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون } قال الجبائي : معناه أحسن ما كانوا يعملون : طاعاتهم لله ، لانه لا شيء في ما يعمله العباد أحسن من طاعاتهم لله . وقال قوم : معناه ولتجزينهم بأحسن اعمالهم ، وهو الذي أمرناهم به ، دون المباح الذي لم نأمرهم به ولا نهيناهم عنه . وقوله { ووصينا الإنسان بوالديه حسناً } معناه أمرناه أن يفعل حسناً وألزمناه ذلك . ثم خاطب كل واحد من الناس ، فقال { وإن جاهداك } يعني الوالدين أيها الانسان { لتشرك بي } في العبادة { ما ليس لك به علم ، فلا تطعهما } في ذلك . وقيل : نزلت في سعد بن ابي وقاص ، لأنه لما هاجر حلفت أمّه انها لا يظلها سقف بيت حتى يعود . فنزلت الآية . ثم قال مهدداً للجميع { الي مرجعكم } أي إليّ مآلكم { فأنبئكم } أي اخبركم { بما كنتم تعملون } في دار التكليف ، ثم اجازيكم بحسبه . ثم قال تعالى { والذين آمنوا } بتوحيد الله واخلاص العبادة له وصدق انبيائه واضافوا إلى ذلك الأعمال الصالحات { لندخلنهم في } جملة { الصالحين } الذين فعلوا الطاعات ويجازيهم الله ثواب الجنة . ثم اخبر ان { من الناس من يقول } بلسانه { آمنا بالله فإذا أوذي في الله } أي إذا لحقه شدة في جنب الله { جعل فتنة الناس } أي عذاب الناس إياهم { كعذاب الله } اي خافوا عذاب الخلق ، كما يخاف عذاب الله ، فيرتدون . { ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم } وهذا الذي ذكره صفة المنافقين الذين إذا جاهدوا الكفار وكانت الدائرة على المسلمين جعلوا ذلك مثل ما يعذبهم الله ، ومتى ظفروا بأعدائهم قالوا للمؤمنين { إنا كنا معكم } في الجهاد فلنا مثل ما لكم من الغنيمة ، فقال تعالى { أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين } أي الله يعلم بواطن احوالهم وسرائر ما في نفوسهم ، فيجازيهم على حسب ذلك .