Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 56-60)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ يحيى والعليمي { ثم إلينا يرجعون } بالياء على الخبر عن الغائب . الباقون بالتاء على الخطاب . وقرأ اهل الكوفة إلا عاصماً { لنثوينهم } بالثاء من أثويته منزلاً أي جعلت له منزل مقام ، والثواء المقام ، الباقون بالباء من قولهم : بوأته منزلا ، كما قال تعالى { مبوء صدق } في قوله { ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوء صدق } و { إذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت } ويحتمل ان تكون اللام زائدة ، كقوله { ردف لكم بعض } ويحتمل ان يكون المراد { بوأنا } لدعاء إبراهيم { مكان البيت } ويقول القائل : اللهم بوّئنا مبوء صدق أى انزلنا منزل صدق والتبوء اتخاذ منزل يرجع اليه من يأوى اليه ، وأصله الرجوع من قوله { باءوا بغضب من الله } أي رجعوا ، ومنه قول الحارث ابن عباد : ( بوئوا بشسع كليب ) وقيل : معناه لننزلنهم من الجنة علالي . يقول الله تعالى لخلقه الذين صدقوا بوحدانيته وأقروا بنبوة نبيه { يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة } لبعد أقطارها ، فاهربوا من أرض من منعكم فيها من الايمان واخلاص عبادتي فيها . وقيل : نزلت في مؤمني مكة أمروا بالهجرة عنها ، وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وابن زيد . وقيل { أرضي واسعة } بما أخرج فيها من الرزق لكم - ذكره مطرف بن عبد الله بن السخير العامري . وقال الجبائي : معناه إن ارض الجنة واسعة ، واكثر اهل التأويل على ان المراد به ارض الدنيا . وقوله { فاياي فاعبدون } أي اعبدوني خالصاً ، ولا تطيعوا احداً من خلقي في معصيتي . وقيل : دخول الفاء في الكلام للجزاء وتقديره إن ضاق موضع بكم فاياي فاعبدون لأن أرضي واسعة . و ( إياي ) منصوب بمضمر يفسره ما بعده . ثم اخبر تعالى ان { كل نفس } احياها الله بحياة خلقها فيها { ذائقة الموت } والذائق الواجد للجسم بحاسة إدراك الطعم { ثم إلينا ترجعون } أي تردون إلينا فنجازيكم على قدر استحقاقكم من الثواب والعقاب . وفي ذلك غاية التهديد والزجر . ثم قال { والذين آمنوا } أي صدقوا بوحدانية الله ، وأقروا بنبوة نبيه صلى الله عليه وآله { وعملوا } مع ذلك الاعمال { الصالحات لنبوّءنهم } أي لننزلنهم { من الجنة } التي وعدها الله المتقين { غرفاً } أي مواضع عاليات { تجري من تحتها الأنهار } لان الغرف تعلو عليها . وقيل : تجري من تحت أشجارها المياه . وقيل : انهار الجنة في أخاديد تحت الارض { خالدين فيها } أي يبقون فيها ببقاء الله . ثم اخبر تعالى ان ذلك { نعم أجر العاملين } أي نعم الثواب والأجر للعاملين بطاعة الله { الذين صبروا } على الأذى في الله ، وصبروا على مشاق الطاعات ، ووكلوا أمورهم إلى الله وتوكلوا عليه في ارزاقهم وجهاد اعدائهم ومهمات أمورهم . ثم قال تعالى { وكأين من دابة } معنى كاين ( كم ) وقد فسرناه في ما مضى { لا تحمل رزقها } أي لا تدخره لغد - في قول علي بن الاقمر - وقال الحسن { لا تحمل رزقها } للادخار . وقيل : ان الحيوان أجمع من البهائم والطير ونحوهما لا تدخر القوت لغدها - إلا ابن آدم والنملة والفارة - بل تأكل منه كفايتها فقط . وقال مجاهد : معناه { لا تحمل رزقها } لا تطيق حمل رزقها لضعفها { الله يرزقها } يعني تلك الدابة الضعيفة التي لا تقدر على حمل رزقها { وإياكم } أي ويرزقكم أيضاً { وهو السميع العليم } يعني { السميع } لما يقول القائل في فراق وطنه { العليم } بما في نفسه ، لانه عالم بجميع الاشياء وقيل : الآية نزلت في أهل مكة : المؤمنين منهم ، فانهم قالوا لرسول الله : ليس لنا بالمدينة اموال ، ولا منازل ، فمن أين المعاش ، فأنزل الله الآية .