Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 113-113)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

النزول : قال ابن عباس ، وقتادة ، وابن جريج سبب نزول هذه الآية أنه لما أسلم عبد الله بن سلام وجماعة معه قالت احبار اليهود ما آمن بمحمد إلا أشرارنا ، فأنزل الله تعالى { ليسوا سواء } إلى قوله : { وأولئك من الصالحين } . اللغة ، والاعراب ، والمعنى : فان قيل لم ذكر مع سواء أحد الفريقين دون الآخر ، ولا يجوز مثله أن يقول سواء علي قيامك حتى يقول أم قعودك قلن عنه جوابان : أحدهما - أنه محذوف لدلالة ما تقدم من الكلام عليه ، كما قال أبو ذؤيب : @ عصاني إليها القلب إني لأمرها مطيع فما أدري أرشد طلابها ؟ @@ ولم يقل أم غي ، لأن الكلام يدل عليه ، لأنه كان يهواها فما يبالي أرشد أم غي طلابها . وقال آخر : @ أراك فلا أدري أهم هممته وذو الهم قدماً خاشع متضائل @@ ولم يقل أم غيره ، لأن حاله في التغير ينبىء أن الهم غيره أم غيره مما يجري مجراه ، وهذا قول الفراء ، وضعفه الزجاج ، وقال ، ليس بنا حاجة إلى تقدير محذوف ، لأن ذكر أهل الكتاب قد جرى في قوله : { يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء } فتبين أن فيهم غير المؤمنين ، فلا يحتاج أن يقدر وأمة غير قائمة . الثاني - أن يكون ليسوا سواء منهم الجواد ، والشجاع ، فعلى القول الأول يكون رفع أمة على معنى الفعل ، وتقديره لا يستوي أمة هادية وأمة ضالة . وعلى القول الثاني يكون رفعها بالابتداء . وقال الطبري لا يجوز الاقتصار في سواء على أحد الذكرين دون الآخر . وأنما يجوز في ما أدري وما أبالي . قال الرماني : وهذا غلط ، لأنه ذهب عليه الفرق بين الاقتصار والحذف لأن الحذف لا بد فيه من خلف يقوم مقامه . والاقتصار ليس كذلك ، لأنه كالاقتصار على أحد المفعولين في أعطيت ، وحذفه في حسبت مر تجلا أي لنا . والخلف فيه دلالة الحال ، فأما أعطيت زيداً ، فلا محذوف فيه ، لأنه ليس معه خلف يقوم مقامه . وقوله : { قائمة } فيه أربعة أقوال : قال الحسن وابن جريج معناه عادلة . وقال ابن عباس ، وقتادة ، والربيع : معناه ثابتة على أمر الله . وقال السدي معناه قائمة بطاعة الله وقال الاخفش ، والزجاج : معناه ذو أمة مستقيمة ، وهذا ضعيف لأنه عدول عن الظاهر في أمة والحذف لا دلالة عليه . وقوله : { أناء الليل } قيل في واحده قولان : أحدهما - اني مثل نجي . والثاني - اني مثل معي . وحكى الاخفش أنو ، والجمع أناء . قال الشاعر : @ حلو ومر كعطف القدح مرته بكل انيٍ حداه الليل ينتعل @@ وروي ينتشر . وقال الحسن ، والربيع ، وعبد الله بن كثير معناه ساعات الليل . وقال ابن مسعود يريد صلاة العتمة ، لأن أهل الكتاب لا يعلمونها ، وقال الثوري عن منصور هو الصلاة بين المغرب والعشاء . وقال السدي يعني جوف الليل . وقوله : { هم يسجدون } فيه قولان : أحدهما - السجود المعروف في الصلاة . الثاني - قال الفراء ، والزجاج معناه يصلون . وبه قال البلخي ، وغيره ، لأن القراءة لا تكون في السجود ، ولا في الركوع ، وهذا ترك للظاهر ، وعدول عنه . ومعنى الآية يتلون آيات الله أناء الليل وهم مع ذلك يسجدون ، فليست الواو حالا وإنما هي عطف جملة على جملة ، والضمير في قوله { ليسوا } عائد على أهل الكتاب ، لتقدم ذكرهم ، وقال أبو عبيدة هو على لغة أكلونى البراغيث . ومثله قوله : { عموا وصموا كثير منهم } وقال الشاعر : @ رأين الغواني الشيب لاح بعارضي فاعرضن عني بالخدود النواضر @@ قال الرماني ، وهذا غلط ، لأن هذه اللغة ردية في القياس والاستعمال أما القياس ، فلان الجمع عارض ، والعارض لا يؤكد علامته ، لأنه بمنزلة ما لا يعتد به ، في سائر أبواب العربية وليس كالثابت للزومه فتقدم له العلامة لتؤذن به قبل ذكره ومع ذلك فجائز تركها فيه ، فكيف بالعارض ، ولزوم الفعل للفاعل يغني عن التثنية والجمع فيه ، فلا يدخل جمع على جمع كما لا يدخل تعريف على تعريف . وأما الاستعمال ، فلان أكثر العرب على خلافه .