Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 119-119)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى ، واللغة ، والاعراب : هذا خطاب للمؤمنين أعلمهم الله تعالى أن منافقي أهل الكتاب لا يحبونهم وأنهم هم يصحبون هؤلاء المنافقين بالبر والنصيحة ، كما يفعله المحب ، وإن المنافقين على ضد ذلك ، فأعلمهم الله ما يسره المنافقون في باطنهم ، وذلك من آيات النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال الفراء : العرب إذا جاءت إلى اسم مكنى قد وصف بهذا ، وهذان ، وهؤلاء ، فرقوا بين ( ها ) وبين ( ذا ) فجعلوا المكنى منهما في جهة التقريب ، لا غير يقولون : أين أنت ، فيقول القائل : هأنذا ، ولا يكادون يقولون ها أنا . ومثله في التثنية والجمع . ومثله قوله : { ها أنتم أولاء تحبونهم } وربما أعادوها فوصلوها بذا ، وهذان وهؤلاء ، فيقولون ها أنت هذا قائما ، وها أنتم هؤلاء . قال الله تعالى : { ها أنتم هؤلاء جادلتم } فان كان الكلام على غير تقرب أو كان على خبر يكتفي كل واحد منهما بصاحبه بلا فعل ، والتقريب لا بد فيه من فعل لنقصانه وأحبوا أن يفرقوا بين معنى التقريب ، وبين معنى الاسم الصحيح ، قال الازهري : يحتمل أولا أن يكون منادى كأنه قال يا أولاء . وقال نحاة البصريين ( ها ) للتنبيه . وأنتم مبتدأ وأولاء خبره ويحبونهم حال . وقال الفراء : يحبونهم خبر . وقال الزجاج : يجوز أن يكون أولاء بمعنى الذين ويحبونهم صلة ويكون التقدير الذين يحبونهم . ويجوز أن يكون حالا بمعنى { ها أنتم أولاء } محبين لهم . ويكون { أنتم } مبتدأ وأولاء خبره . ويحبونهم حالا والمعنى انظروا إلى أنفسكم محبين لهم ولا يجوز أن تقول : ها قومك أولاء ، كما جاز { ها أنتم أولاء } ، لأن المضمر أحق بـ ( ها ) التي للتنبيه ، لأنه كالمبهم في عموم ما يصلح له . وليس كذلك الظاهر . وقال الفراء : إنما ذاك على جهة التقريب في المضمر ، والاعتماد على غيره في الخبر . قال الحسن بن علي المغربي أولاء يعني به المنافقين ، كما تقول ما أنت زيداً يحبه ، ولا يحبك . وهذا مليح غير أنه يحتاج أن يقدر عامل في أولاء ينصبه ، يفسره قوله : { يحبونهم } لأنه مشغول لا يعمل فيما قبله كقوله : { والقمر قدرناه } في من نصبه وأولاء للرجال ، وللنساء أولات . وهو مبني على الكسر . وكان الأصل السكون والألف قبلها ساكنة فحرك لالتقاء الساكنين على أصل الكسرة . قوله : { وتؤمنون بالكتاب كله } الكتاب واحد في موضع الجمع ، لأنه أريد به الجنس ، كما يقال كثر الدرهم في أيدي الناس ويحتمل أن يكون مصدراً من قولك كتبت كتاباً . والمراد بالكتاب ها هنا كتب الله التي أنزلها على أنبيائه وفي إفراده ضرب من الايجاز ، واشعار بالتفصيل في الاعتقاد ، لأنهم يؤمنون بها في الجملة . والتفصيل من حيث يؤمنون بما أنزل على ابراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد ( صلى الله عليه وسلم ) وسائر الانبياء . وقوله : { وإذا لقوكم قالوا آمنا } معناه إذا رأوكم قالوا صدقنا { وإذا خلوا } مع أنفسهم { عضوا عليكم الأنامل من الغيظ } فالعض بالاسنان . ومنه العض علف الامصار ، لأن له مضغة في العض يسمن عليها المال . ومنه رجل عض : لزاز الخصم ، لأنه يعض بالخصومة . وكذلك رجل عض فحاش ، لأنه يعض بالفحش والأنامل أطراف الأصابع في قول قتادة ، والربيع ، وأصلها النمل المعروف ، فهو مشبه به في الرقة ، والتصرف بالحركة . ومنه رجل نمل أي نمام ، لأنه ينقل الاحاديث الكرهة كنقل النملة في الخفاء والكثرة . وواحد الأنامل أنملة . قال الزجاج ولم يأت على هذا المثال ما يعني به الواحد إلا شذ ، فأما الجمع ، فكثير نحو أفلس وأكعب وقوله : { قل موتوا بغيظكم } معناه الامر بالدعاء عليهم . وإن كان لفظه لفظ الأمر ، كأنه قال قل : أماتكم الله بغيظكم وفيه معنى الذم لهم ، لأنه لا يجوز أن يدعا عليهم هذا الدعاء إلا وقد استحقوه بقبيح ما أتوه .