Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 149-150)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : هذا خطاب للمؤمنين حذرهم الله من أن يطيعوا الكفار ، وبين أنهم إن أطاعوهم ردوهم كافرين . والمعني بـ { الذين كفروا } قيل فيهم قولان : أحدهما - قال الحسن ، وابن جريج إنهم اليهود ، والنصارى أي إن تستنصحوهم وتقبلوا رأيهم يردوكم خاسرين . وقال السدي : أراد إن تطيعوا أبا سفيان وأصحابه يرجعوكم كافرين . والطاعة موافقة الارادة المرغبة في الفعل ، وبالترغيب ينفصل من الاجابة ، وإن كان موافقة الارادة حاصلة . وفي الناس من قال : الظاعة في موافقة الأمر ، والاول أصح ، لأن من فعل ما يقتضي العقل وجوبه أو حسنه يقال : إنه مطيع لله ، وان لم يكن هناك أمر على أن من امتثل الأمر إنما سمي مطيعاً لموافقة الارادة المرغبة من حيث أن الأمر لايكون أمراً إلا بارادة المأمور به ، والطاعة تكون بمتابعة الواجب والندب معاً ، لأن الارادة تتناولهما . الاعراب ، والحجة ، واللغة ، والمعنى : وقوله : { إن تطيعوا } جزم بأنه شرط . وقوله : { يردوكم } جزم بأنه جواب الشرط . وقوله : { فتنقلبوا } جزم بالعطف عليه . وقوله : { خاسرين } نصب على الحال . وقوله : { بل الله } ، فحقيقة ( بل ) الاضراب عن الأول إلى الثاني سواء كانا موجبين أو نفيين أو احداهما موجباً والآخر نفياً تقول : جاء زيد بل عمرو ، وما جاء زيد بل عمرو لم يجئ ، وما أتى زيد بل خالد . فان قيل : كيف عطف ببل وهي لا تشرك الثاني مع الأول في المعنى ؟ قلنا : لأن الاضراب عن الاول كالبدل ، ولذلك وجب العطف بالاشراك في الاعراب كما يجب في البدل غير أن البدل لم يحتج إلى حرف ، لأن الثاني هو الأول أو في تقدير ما هو كالأول ، و ( لكن ) للاستدراك أيضاً ، وهو يقتضي نفياً إما متقدماً أو متأخراً كقولك ما جاءني زيد ، لكن عمرو ، وجاء زيد لكن عمرو لم يأت ، وبهذا فارقت بل . وقوله : { بل الله } كان يجوز النصب في ( الله ) قال الفراء : على معنى أطيعوا الله مولاكم ، لأن قبله { إن تطيعوا } ثم أضرب عن الأول وأوجب الثاني بل أطيعوا الله { مولاكم } . والرفع يحتمل أن يكون على الابتداء ومولاكم خبره ، ويحتمل أن يكون مولاكم مبتدأ ، و ( الله ) خبره ، وقد قدم عليه . ومعنى مولاكم أي هو أولى بطاعتكم ونصرتكم . وقيل معناه وليكم بالنصرة بدلالة قوله : { هو خير الناصرين } والأصل فيه ، ولي الشيء الشيء من غير فصل بينه وبينه ، فالولاية إيلاء النصرة ، ويجوز لأنه يتولى فعل النصرة ، وان لم يكله إلى غيره ، لأن من فعل شيئاً فقد تولى فعله . فان قيل : كيف قال { وهو خير الناصرين } مع أنه لا يعتد بنصر غير الله مع نصرته ؟ قيل : معناه إنه إن اعتد بنصرة غير الله فنصرة الله خير منها ، لأنه لا يجوز أن يغلب ، وغيره يجوز أن يغلب ، وان نصر فالثقة بنصرة الله تحصل ، ولا تحصل بنصرة غيره .