Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 159-159)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الاعراب والمعنى : قوله : { فبما رحمة من الله } معناه فبرحمة ، وما زائدة باجماع المفسرين ذهب إليه قتادة ، والزجاج ، والفراء وجميع أهل التأويل . ومثله قوله : { عما قليل ليصبحن نادمين } فجاءت ( ما ) مؤكدة للكلام وسبيل دخولها لحسن النظم ، كدخولها لاتزان الشعر ، وكل ذلك تأكيد ليتمكن المعنى في النفس ، فجرى مجرى التكرير . قال الحسن بن علي المغربي عندي أن معنى ( ما ) أي وتقديره فبأي رحمة من الله ، وهذا ضعيف . ورحمة مجرورة بالباء ، ولو رفعت كان جائزاً على تقدير فيما هو رحمة . والمعنى ان لينك لهم مما يوجب دخولهم في الدين ، لأنك تأتيهم بالحجج والبراهين مع لين خلق . اللغة ، والمعنى : وقوله : { ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك } فالفظ الجافي ، والغليظ القلب القاسي ، يقال فيه فظظت تفظ فظاظة ، فأنت فظ ، وهو على وزن فعل إلا أنه ادغم كضب . وأصل الفظاظة الجفوة . ومنه الفظاظة . ومنه الفظاظ : خشونة الكلام . والافتظاظ : شرب ماء الكرش لجفائه على الطباع . وقوله : { فظاً غليظ القلب } انما جمع بين الصفتين مع اتفاقهما في المعنى ، لازالة التوهم أن الفظاظة في الكلام دون ما ينطوي عليه القلب من الحال ، وهو وجه من وجوه التأكيد إذ يكون لازالة الغلط في التأويل ، ولتمكين المعنى في النفس بالتكرير ، ومايقوم مقامه . وقوله : { وشاورهم في الأمر } أمر من الله تعالى لنبيه أن يشاور أصحابه يقال شاورت الرجل مشاورة وشواراً وما يكون عن ذلك اسمه المشورة . وبعضهم يقول المشورة . وفلان حسن الشورة ، والصورة أي حسن الهيئة واللباس وإنه لشير صير ، وحسن الشارة ، والشوار : متاع البيت . ومعنى شاورت فلاناً أي أظهرت ما عندي في الرأي ، وما عنده . وشرت الدابة أشورها : إذا امتحنتها فعرفت هيئتها في سيرها . وقيل في وجه مشاورة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إياهم مع استغنائه بالوحي عن تعرف صواب الرأي من العباد ثلاثة أقوال : أحدها - قال قتادة ، والربيع ، وابن اسحاق أن ذلك على وجه التطييب لنفوسهم ، والتألف لهم ، والرفع من أقدارهم إذ كانوا ممن يوثق بقوله : " ويرجع إلى رأيه " . والثاني - قال سفيان بن عيينه : وجه ذلك لتقتدي به أمته في المشاورة ولا يرونها منزلة نقيصة كما مدحوا بأن أمرهم شورى بينهم . الثالث - قال الحسن ، والضحاك : انه للامرين ، لاجلال الصحابة واقتداء الأمة به في ذلك . وأجاز أبو علي الجبائي : أن يستعين برأيهم في بعض أمور الدنيا . وقال قوم : وجه ذلك أن يمتحنهم فيتميز الناصح في مشورته من الغاش النية . وقوله : { فاذا عزمت فتوكل على الله } فالتوكل على الله هو تعويض الأمر إليه للثقة بحسن تدبيره ، وأصله الاتكال . وهو الاكتفاء في فعل ما يحتاج إليه بمن يسند إليه . ومنه الوكالة ، لأنها عقد على الكفاية بالنيابة والوكيل هو المتكل عليه بتفويض الأمر إليه . وقوله : { إن الله يحب المتوكلين } معناه يريد ثوابهم على توكلهم واسنادهم أمورهم إلى الله تعالى .